فاحذر يَا أخي وَاعْلَم أَنَّك بمنظر من اللَّطِيف الْخَبِير وَلم أَضَع كتابي هَذَا إِلَّا ليَكُون إِمَامًا وأصلا أرجع إِلَيْهِ ومعقلا لي وَلِلْمُؤْمنِينَ إِن شَاءَ الله فَخذ مَا آتيتك فِيهِ وَتمسك بِجَمِيعِهِ فَإِنَّهُ وَمَا فِيهِ من أصل وَحجَّة مَذْهَب من سلف من مصابيح الْهدى والصدر الأول وَأهل البصائر وَالْعلم وَالْكتاب وَالسّنة وَلم أترك من جهد جهدي شَيْئا إِلَّا قد أثْبته ودللت عَلَيْهِ وَفِي بعض وصاتي لكم بَلَاغ إِن شَاءَ الله وَبِه أعوذ وَبِه ألوذ من الْحور بعد الكور وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
بَاب ذكر المرجئة
وَقد ذكرت المرجئة فِي كتَابنَا هَذَا أَولا وآخرا إِذْ قَوْلهَا خَارج من التعارف وَالْعقل أَلا ترى أَن مِنْهُم من يَقُول من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَحرم مَا حرم الله وَأحل مَا أحل الله دخل الْجنَّة إِذا مَاتَ وَإِن زنى وَإِن سرق وَقتل وَشرب الْخمر وَقذف الْمُحْصنَات وَترك الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصِّيَام إِذا كَانَ مقرا بهَا يسوف التَّوْبَة لم يضرّهُ وُقُوعه على الْكَبَائِر وَتَركه للفرائض وركوبه الْفَوَاحِش وَإِن فعل ذَلِك استحلالا كَانَ كَافِرًا بِاللَّه مُشْركًا وَخرج من إيمَانه وَصَارَ من أهل النَّار وَأَن الْإِيمَان لَا يزِيد وَلَا ينقص وإيمان الْمَلَائِكَة والأنبياء والأمم وعلماء النَّاس وجهالهم وَاحِد لَا يزِيد مِنْهُ شَيْء على شَيْء أصلا
وَاحْتَجُّوا بقول الله عز وَجل {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فَقَالُوا الْكَافِر وَحده لَا يغْفر لَهُ وَمَا دون الْكفْر مغْفُور لأَهله وَرووا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وَإِن زنى وسرق وَقتل وَأَنا أذكر دَلِيل هَذَا فِي جُزْء الْحجَّاج إِن شَاءَ الله