وَإِن كَانَ يعرفهُ مُجملا إِلَّا أَن بعض أهل النّظر من أَصْحَاب الْعُقُول الضعيفة يرَوْنَ أَن الله تَعَالَى لما ثَبت عِنْدهم أَنه فعال لما يَشَاء جوزوا على الله تَعَالَى مَا يُنَاقض الْحِكْمَة وَمَا هُوَ الْأَمر عَلَيْهِ فِي نَفسه إِلَى آخر مَا قَالَ
أَقُول هَذَا طعن فِي أهل السّنة وافتراء عَلَيْهِم أَنهم جوزوا على الله تَعَالَى سُبْحَانَهُ فعل مَا يُنَاقض الْحِكْمَة لقَولهم بِأَن الله تَعَالَى فعال لما يَشَاء وَأَنه مخترع الْأَشْيَاء كَمَا أَرَادَ لما أَرَادَ وَلَيْسَ للأشياء دخل وَلَا اقْتِضَاء لما وجدت عَلَيْهِ من الْأَحْوَال الْمُخْتَلفَة والمتفقة
بل ذَلِك بمحض إِرَادَته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنت خَبِير بِأَنَّهُم لَا يلْزمهُم من ذَلِك تَجْوِيز فعل مَا يُنَاقض الْحِكْمَة عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بل هم الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَكِيم
وَأَن أَفعاله جَمِيعًا على مُقْتَضى الْحِكْمَة وَإِن لم تدركها عقولنا فِي بعض الْأَشْيَاء وهم الموحدون الْقَائِلُونَ لَا تَأْثِير فِي الْحَقِيقَة لغير فعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي شَيْء من الموجودات