وَهَذَا من أحسن مَا قيل فِي تَشْبِيه الثريا
وَكَانَ إِدْرِيس هَذَا متناقض الْأُمُور كَانَ أرْحم النَّاس قلباً كثير الصَّدَقَة يتَصَدَّق كلّ يَوْم جُمُعَة بخمسائة دِينَار وردّ المطرودين إِلَى أوطانهم وَصرف إِلَيْهِم ضياعهم وأملاكهم وَلم يسمع بغياً فِي أحد من الرّعية وَكَانَ أديب اللِّقَاء حسن الْمجْلس يَقُول من الشّعْر الأبيات الحسان وَمَعَ هَذَا فَكَانَ لَا يصحب وَلَا يقرّب إِلَّا كل سَاقِط نذل وَلَا يحجب حرمه عَنْهُم وكل من طلب مِنْهُم حصناً أعطَاهُ إِيَّاه وسلّم وزيره ومدبر إِمَامَته وَصَاحب أَبِيه وجده مُوسَى بن عَفَّان إِلَى أَمِير صنهاجة فَقتله وَكَانَ الصنهاجي سَأَلَ ذَلِك مِنْهُ وَكتب إِلَيْهِ فِيهِ فَمَا أخبر إِدْرِيس مُوسَى بن عَفَّان بذلك وَبِأَنَّهُ لابد من تَسْلِيمه إِلَيْهِ قَالَ لَهُ افْعَل مَا تُؤمر ستجدني إِن شَاءَ الله من الصابرين وَهُوَ الْقَائِل بديهاً وَقد غنّى مَا لم يرضه فِي مدحه فَقَالَ للْمُغني أعد الصَّوْت وَقل
(إِذا ضَاقَتْ بك الدُّنْيَا ... فعرّج نَحْو إدريسا)
(إِذا لاقيته تلقى ... رَئِيسا لَيْسَ مرءوساً)
(إِمَام ماجد ملك ... يزِيل الغمّ والبوسا)
هَؤُلَاءِ خَاتِمَة الأدباء من الْمُلُوك العلوية والمروانية لذهاب سلطانهم وانقراض ملكهم بالأندلس وَالْمغْرب فِي هَذِه الْمِائَة الْخَامِسَة واستيلاء الثوار على الأقطار
وفيهَا أَيْضا كَانَ انْقِرَاض الدولة العبيدية بإفريقية على يَدي الْمعز بن باديس الصنهاجي
وافترقت الْجَمَاعَة بالأندلس على رَأسهَا إِلَى وقتنا هَذَا وتسلّط العدوّ أثْنَاء ذَلِك فتحيّفها ثمَّ وَإِلَى مغاره وخساره حَتَّى أتلفهَا ونظمها فِي هَذِه الفترة ملك الْمغرب أَحْيَانًا وانفردت بالثائرين فِيهَا أَحْيَانًا وَفِي كل ذَلِك لم تقم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute