قَالَ ابْن حَيَّان وَذكر اجْتِمَاع الْمَلأ من أهل قرطبة على تَقْدِيمه أعْطوا مِنْهُ قَوس السياسة باريها وولوا من الْجَمَاعَة داهيتها فاخترع لَهُم لأوّل وقته نوعا من التَّدْبِير حملهمْ عَلَيْهِ فاقترن صَلَاحهمْ بِهِ وأجاد السياسة فانسدل بِهِ السّتْر على أهل قرطبة مدَّته وحصّل كل مَا يرْتَفع من الْبَلَد بعد إِعْطَاء مقاتلته وصيّر ذَلِك فِي أَيدي ثِقَات من الْخدمَة مشارفا لَهُم بضبطه فَإِن فضل شَيْء تَركه بِأَيْدِيهِم مثقفاً مشهوداً عَلَيْهِ لَا يتلبس لَهُم بِشَيْء مِنْهُ
وَمَتى سُئِلَ قَالَ لَيْسَ لي عَطاء وَلَا منع هُوَ للْجَمَاعَة وَأَنا أمينهم وَإِذا رابه أَمر عَظِيم أَو عزم على تَدْبِير أحضرهم وشاورهم وَإِذا خُوطِبَ بِكِتَاب لَا ينظر فِيهِ إِلَّا أَن يكون باسم الوزراء فَأعْطى السُّلْطَان حَقه من النّظر وَلم يخل مَعَ ذَلِك من نظره لمعيشته حَتَّى تضَاعف ثراؤه وَصَارَ لَا تقع عينه على أغْنى مِنْهُ حاط ذَلِك كلّه بالبخل الشَّديد وَالْمَنْع الْخَالِص اللَّذين لولاهما مَا وجد عائبه فِي طَعنا ولكمل لَو أَن بشرا يكمل
قَالَ وَكَانَ مَعَ براعته ورفعة قدره وتشييده لقديمه بحَديثه من أَشد النَّاس تواضعاً وعفة وأشبههم ظَاهرا بباطن وأولا بآخر لم تخْتَلف بِهِ حَال من الفتاء إِلَى الكهولة
وَاسْتمرّ فِي تَدْبيره قرطبة فأنجح سَعْيه بصلاحها ولمّ شعثها فِي الْمدَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute