للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العمدة فيه على المعنى لا اللفظ، فإذا رواه العالم على المعنى فقد أدى المطلوب المقصود منه.

يدل على ذلك اتفاق الأمة على أنه يجوز للعالم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينقل معنى خبره بغير لفظه وغير اللغة العربية (١).

وأيضا فإن ذلك كما هو ظاهر "هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف الأولين، كثيرا ما كانوا ينقلون معنى واحدا في أمر واحد بألفاظ مختلفة، وما ذلك إلا لأن معولهم كان على المعنى دون اللفظ".

تنبيهان:

١ - ثمة أمر هام يجدر التنبه إليه، والتيقظ له، وهو أن هذا الخلاف في الرواية بالمعنى إنما كان في عصور الرواية قبل تدوين الحديث، أما بعد تدوين الحديث في المصنفات والكتب فقد زال الخلاف ووجب اتباع اللفظ، لزوال الحاجة إلى قبول الرواية على المعنى، "وقد استقر القول في العصور الأخيرة على منع الرواية بالمعنى عملا. وإن أخذ بعض العلماء بالجواز نظرا" (٢).

فلا يسوغ لأحد الآن رواية الحديث بالمعنى، إلى على سبيل التذكير بمعانيه في المجالس للوعظ ونحوه، فأما إيراده على سبيل الاحتجاج أو الرواية في المؤلفات فلا يجوز إلا باللفظ.

وقد غفل عن هذا بعض من تصدر للحديث من العصريين حيث عزا


(١) انظر للتوسع الكفاية: ١٩٨ - ٢٠٣. والمراجع الأصولية السابقة وتوجيه النظر للعلامة الشيخ طاهر الجزائري: ٢٩٨ - ٣١٢ فقد استوفى الأقوال وأدلتها وناقش الموضوع مناقشة جيدة. وراجع قواعد التحديث للقاسمي: ٢٢٢ - ٢٢٥.
(٢) انظر التنبيه على ذلك في علوم الحديث: ١٩١ وشرح الألفية: ٢: ٥ والباعث الحثيث: ١٤٣ وغيرها.

<<  <   >  >>