للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ أول مَا بَدَأَ بِهِ النشو أَن ندب جمَاعَة لقياس الرَّوْضَة جَمِيعهَا من مذدرعها وأراضي دورها وألزم أَرْبَاب الدّور الَّتِي بهَا بإحضار كتب دُورهمْ وَأَن يقومُوا عَن أراضيها بِقِيمَتِهَا من تَارِيخ شِرَائهَا ووكل ابْن صابر باستخراج ذَلِك مِنْهُم وَأخذ عَن البروز فِي الدّور خَاصَّة مائَة وَأمر النشو مباشري الجوالي بِقطع مَا عَلَيْهَا من المرتبات عَن جوامك الْقُضَاة وَالشُّهُود ومشايخ الْعلم وَنَحْوهم وَكتب إِلَى جَمِيع الْأَعْمَال يحمل مَال الجوالي إِلَى خزانَة الْخَاص وَمن تعجل مِنْهَا شيا يستعاد مِنْهُ فَجمع من ذَلِك مَالا كَبِيرا. فانزعج النَّاس كلهم وَلم يتجاسرأحد من الْأُمَرَاء على السُّلْطَان فِي الحَدِيث مَعَه فِي ذَلِك حَتَّى ذكر السُّلْطَان لَهُم أَن لَهُ نَحْو آلف أردب غلَّة فِي الْبِلَاد وَأَنه يُرِيد أَخذهَا فتلطف بِهِ الْحَاج آل ملك وبيبرس الأحمدي وجنكلي بن البابا حَتَّى سمح بِأَن يتمهل بطلبها حتم يفرغ الْحَرْث وَيقبض الْمغل. فَلَمَّا فرغ النشو من قِيَاس الرَّوْضَة ألزم أَرْبَاب الرَّوَاتِب أَن يحضروا إِلَى القلعة وَمَعَهُمْ تواقيعهم وألزم المباشرين بِعَمَل الْحساب وَحمل مَا تَحت أَيّدهُم من ذَلِك وألزم جَمِيع أَرْبَاب الرزق الأحباسية بإحضار تواقيعهم وَبعث الْبَرِيد إِلَى الْأَعْمَال بذلك وألزم ديوَان الأحباس بِكِتَابَة الرزق كلهَا فزلزل أَرض مصر قبليهما وبحريها وَلم يقبل لأحد شَفَاعَة حَتَّى الأميرين بشتاك وقوصون فَإِنَّهُمَا كَانَا إِذا بعثا إِلَيْهِ فِي شَفَاعَة رد عَلَيْهِمَا ردا جَافيا وَأَغْلظ على رسلهما. فاتفق الخاصكية جَمِيعًا عَلَيْهِ وندبوا للْحَدِيث مَعَ السُّلْطَان الْأَمِير يلبغا اليحياوي والأمير ملكتمر الْحِجَازِي وَغَيرهمَا فَصَارَ كل مِنْهُم يسمع السُّلْطَان قبح سيرة النشو وَهُوَ يتغافل إِلَى أَن حَدثهُ يلبغا وَهُوَ يَوْمئِذٍ أخص الخاصكية عِنْده وَقَالَ عَنهُ: يَا خوند وَالله النشو يَضرك أَكثر مَا ينفعك وَاتفقَ وُصُول الْأَمِير قرمجي الْحَاجِب من دمشق فَأَعَادَهُ السُّلْطَان سَرِيعا ليستشير الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام فِي أَمر النشو وَأَنه قد بعضه أهل الدولة كلهم مَعَ كَثْرَة نَفعه لي ثمَّ وجد السُّلْطَان عدَّة أوراق فِي حق النشو قد رميت لَهُ من غير أَن يعرف رافعها مِنْهَا رقْعَة فِيهَا: أيا ملكا أصبح فِي نشوة من نشوة الظَّالِم فِي نشيه أنشيته فلتنشئن ضغائنا سترى غباوتها بِصُحْبَة غيه

<<  <  ج: ص:  >  >>