فذعر النَّاس مِنْهُمَا إِلَى أَن كَانَا لَيْلَة ببستان فِي المطرية وخرجا مِنْهُ يُريدَان الْقَاهِرَة فصدفهما مَمْلُوك الْوَالِي وَهُوَ سَائِر إِلَى بلبيس وَمَعَهُ غُلَامه وَقد عرفهما. فَضرب بسهمه وَأصَاب رجْلي أَحدهمَا فَسقط وهم الآخر بصعود حَائِط الْبَسَاتِين فَوَقع وانكسرت رجله وَوَقع الصَّوْت فِي الْبُسْتَان. فَنزل غُلَام الْمَمْلُوك وكتف الجاموس وَأخرج النَّاس المحوجب من الْبُسْتَان وَسَارُوا بهما مربوطين إِلَى الْقَاهِرَة. فطلع بهما الْوَالِي إِلَى السُّلْطَان وَمَعَهُ مَمْلُوكه وَكَانَ زريا قَصِيرا لَا يؤبه إِلَيْهِ فَعجب السُّلْطَان من ذَلِك وسألهما على لِسَان الْحَاجِب: كَيفَ مسككما هَذَا. بمفرده وأنتما لَا تهابان رجَالًا كَثِيرَة أفقالا: إِذا نزل الْقَضَاء قلت الْحِيلَة وَالله لقد كُنَّا إِذا رَأينَا عشْرين فَارِسًا وَمِائَة راجل خرجنَا عَنْهُم سَالِمين بَعْدَمَا ننال مِنْهُم فَلَمَّا فرغ الْأَجَل عِنْدَمَا وَقع نَظرنَا على هَذَا ارتعدت فرائصنا حَتَّى مَا قَدرنَا على الْحَرَكَة فرسم بتسميرهما فسمرا عِنْد بَاب زويلة وشهرا عدَّة أَيَّام وخلع على الْمَمْلُوك وأنعم عَلَيْهِ بِأَلف دِرْهَم وإقطاع فِي الْحلقَة وَهُوَ أول من أَخذ من مماليك الْأُمَرَاء إقطاعا فِي الْحلقَة. وفيهَا خلع متملك تونس الْأَمِير أَبُو زَكَرِيَّا يحيي الواثق بن أبي عبد الله مُحَمَّد الْمُسْتَنْصر بن السعيد أبي زَكَرِيَّا يحيي بن عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص فِي غرَّة ربيع الآخر فَكَانَت مدَّته سنتَيْن وَثَلَاثَة أشهر وَثَلَاثَة وَعشْرين يَوْمًا وَقَامَ بعده عَمه أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن يحيي بن عبد الْوَاحِد. وَمَات فِي هَذِه السّنة الْأَمِير أقش الشهابي أحد أُمَرَاء الطبلخاناه. وَمَات الْأَمِير الطنبا فَخر الدّين الْحِمصِي فِي سادس عشر رَمَضَان. وَمَات علم الدّين إِسْحَاق بن العادلي نَاظر دمشق فِي خَامِس عشري شَوَّال. وَمَات الْأَمِير عز الدّين أيبك الشَّيْخ فِي ذِي الْحجَّة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute