للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الشَّافِعِي أحد الْأَعْلَام وقاضي الْقُضَاة

ولد سنة خمس وَعشْرين بِنَاحِيَة يَنْبع وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبع مائَة

سمع من ابْن المقير وَابْن الجميزي وَابْن رواج والسبط وعدة وَسمع من ابْن عبد الدَّائِم والزين خَالِد بِدِمَشْق وَخرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ تساعية وَلم يحدث عَن ابْن المقير وَابْن رواج لِأَنَّهُ دَاخله شكّ فِي كَيْفيَّة التَّحَمُّل عَنْهُمَا

وَله التصانيف البديعة كالإلمام وَالْإِمَام شَرحه وَلم يكمل وَلَو كمل لم يكن لِلْإِسْلَامِ مثله وَكَانَ يَجِيء فِي خَمْسَة وَعشْرين مجلداً وَله عُلُوم الحَدِيث وَالَّذِي أملاه على ابْن الثير فِي شرح عُمْدَة الْأَحْكَام فَاضل الْعَصْر الَّذِي يعرفهُ وَهُوَ إملاء وَشرح مُقَدّمَة الْمُطَرز فِي أصُول الْفِقْه وَألف الْأَرْبَعين فِي الرِّوَايَة عَن رب الْعَالمين وَشرح بعض مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب وَكَانَ إِمَامًا متفنناً مُحدثا مجوداً فَقِيها مدققاً أصولياً أديباً نحوياً شَاعِرًا ناثراً ذكياً غواصاً على الْمعَانِي مُجْتَهدا وافر الْعقل كثير السكينَة بَخِيلًا بالْكلَام تَامّ الْوَرع شَدِيد التدين مديم السهر مكباً على المطالعة وَالْجمع قل أَن ترى الْعُيُون مثله وَكَانَ سَمحا جواداً عديم الدعاوي لَهُ الْيَد الطُّولى فِي الْفُرُوع)

وَالْأُصُول وبصر بعلل الْمَنْقُول والمعقول قد قهره الوسواس فِي أَمر الْمِيَاه والنجاسات وَله فِي ذَلِك حكايات ووقائع عَجِيبَة وَكَانَ كثير التَّسَرِّي والتمتع وَله عدَّة أَوْلَاد ذُكُور بأسماء الصَّحَابَة الْعشْرَة

تفقه بِأَبِيهِ وبالشيخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وبطائفة واشتهر اسْمه فِي حَيَاته وحياة مشايخه وَتخرج بِهِ أَئِمَّة

وَكَانَ لَا يسْلك المراء فِي بَحثه بل يتَكَلَّم بسكينة كَلِمَات يسيرَة فَلَا يُرَاد وَلَا يُرَاجع وَكَانَ عَارِفًا بمذهبي مَالك وَالشَّافِعِيّ كَانَ مالكياً أَولا ثمَّ صَار شافعياً قَالَ وَافق اجتهادي اجْتِهَاد الشَّافِعِي إِلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ أحديهما أَن الابْن لَا يُزَوّج أمه وَالْأُخْرَى وحسبك بِمن يتنزل ذهنه على ذهن الشَّافِعِي

وَكَانَ لَا ينَام اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا يقطعهُ بمطالعة وَذكر وتهجد أوقاته كلهَا معمورة

وَلما طلع إِلَى السُّلْطَان حسام الدّين لاجين قَامَ لَهُ وخطا عَن مرتبته وعزل نَفسه عَن الْقَضَاء مَرَّات ثمَّ يسْأَل ويعاد إِلَيْهِ وَكَانَ شفوقاً على المشتغلين كثير الْبر لَهُم

وَقَالَ قطب الدّين أَتَيْته بِجُزْء سَمعه من ابْن رواج والطبقة بِخَطِّهِ فَقَالَ حَتَّى أنظر ثمَّ عَاد إِلَيْهِ فَقَالَ هُوَ خطي وَلَكِن مَا أحقق سَمَاعي لَهُ وَلَا أذكرهُ

وَحكى قطب الدّين السنباطي قَالَ قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين لكاتب الشمَال سِنِين لم يكْتب عَليّ شَيْئا قلت أَخْبرنِي ذَلِك الإِمَام الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن السُّبْكِيّ قَالَ حكى لي ذَلِك السنباطي فاجتمعت بِهِ وَقلت لَهُ قَالَ فلَان عَن فلَان عَن مَوْلَانَا كَذَا وكذافقال أَظن ذَلِك أَو كَذَلِك يكون الْمُسلم أَو كَمَا قَالَ

روى عَنهُ الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وقطب الدّين ابْن مُنِير وقاضي الْقُضَاة عَلَاء الدّين القونوي وقاضي الْقُضَاة علم الدّين الإخنائي وَآخَرُونَ وَحدث للشَّيْخ شمس الدّين إملاء

وشعره فِي غَايَة الْحسن فِي الانسجام والعذوبة وَصِحَّة الْمَقَاصِد وغوص الْمعَانِي وجزالة الْأَلْفَاظ ولطف التَّرْكِيب

أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام شهَاب الدّين

<<  <  ج: ص:  >  >>