للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَيقبل وَيجْرِي مِنْهُ على عَادَة إِذا انْقَضى مِنْهَا مَاض تبعه الْفِعْل فِي الْحَال والعزم فِي الْمُسْتَقْبل غير خَافَ أَنه لكل أجل كتاب وَلكُل مَقْصُود أَسبَاب وَلم يزل يهم بِالْكِتَابَةِ وَالْأَيَّام تدافع ويعزم على المخاطبة فتدفع فِي صدر عزمه الْمَوَانِع حَتَّى طلع الْوَقْت)

فجر حَظه واستناب منافثة قلمه عَن مشافهة لَفظه وَقَالَ لخدمته هَذِه ردي مورداً غير آسن وتهنى محَاسِن لَا تشبهها المحاسن وتوطني الْمحلة المسعودة فَكَمَا يسْعد النَّاس كَذَلِك تسعد الْأَمَاكِن

وشاهدي من ذَلِك السَّيِّد صَدرا بشره بالنجح ضَامِن وشهاباً مَا زلنا نعد السيارة سبعا حَتَّى عززت لنا مِنْهُ بثامن وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن القَاضِي نجم الدّين بمحلة منف لما قدم الْقَاهِرَة أَقَامَ بِحَيْثُ تقيم وحاضرنا محاضرة الرجل الْكَرِيم ونافث منافثة لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم ولازم الدُّرُوس مُلَازمَة لَوْلَا أَنَّهَا محبوبة لقلنا مُلَازمَة غَرِيم وَتلك حُقُوق لَهُ مرعية وَمَعْرِفَة أنسابها مراضعة الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَقصد هَذِه الْخدمَة إِلَى الْمجْلس فَكَانَ ذَلِك من وَاجِب حَقه وَذكر ثَنَاء عَلَيْهِ فَقُلْنَا رَأَيْت الْحق لمستحقه وَسَيِّدنَا حرسه الله تَعَالَى أهل لتقليد المنن وَمحل لِأَن يظنّ بِهِ كل حسن وَالْعلم بمروءته لَا يقبل تشكيك المشكك وابوته تَقْتَضِي أَن يرتقي من بِعُرْوَة وده يسْتَمْسك وَالله تَعَالَى يرفع شَأْنه ويعلى برهانه وَيكْتب لَهُ يَوْم إحسانه إحسانه ويطوي على المعارف اليقينية جنانه وَيُطلق بِكُل صَالِحَة يَده وَلسَانه بمنه وَكَرمه إِن شَاءَ الله تَعَالَى

قلت مَا أعرف بعد القَاضِي افاضل من كتب الْإِنْشَاء مثل القَاضِي محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر وَمَا لَهُ مثل هَذِه الْمُكَاتبَة علم ذَلِك من علمه أَو جَهله من جَهله

أَنْشدني من لَفظه الشَّيْخ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس قَالَ أَنْشدني شَيخنَا تَقِيّ الدّين ابْن دقي قالعيد لنَفسِهِ

(الْحَمد لله كم أسعى بعزمي فِي ... نيل العلى وَقَضَاء الله ينكسه)

(كأنني الْبَدْر أبغي الشرق والفلك ال ... أَعلَى يُعَارض مسعاه فيعكسه)

قلت هُوَ مثل قَول الأرجاني

(سعيي إِلَيْكُم فِي الْحَقِيقَة وَالَّذِي ... تَجِدُونَ عَنْكُم فَهُوَ سعي الدَّهْر بِي)

(أنحوكم وَيرد وَجْهي الْقَهْقَرَى ... دهري فسيري مثل سير الْكَوْكَب)

(فالقصد نَحْو الْمشرق الْأَقْصَى لَهُ ... وَالسير رَأْي الْعين نَحْو الْمغرب)

وأنشدني بالسند الْمَذْكُور لَهُ أَيْضا

(أأحباب قلبِي وَالَّذين بذكرهم ... وترداده طول الزَّمَان تعلقي)

(لَئِن غَابَ عَن عَيْني بديع جمالكم ... وجار على الْأَبدَان حكم التَّفَرُّق)

)

(فَمَا ضرنا بعد الْمسَافَة بَيْننَا ... سرائرنا تسري إِلَيْكُم فنلتقي)

<<  <  ج: ص:  >  >>