(سَلام على تِلْكَ المغانى وَأَهْلهَا ... وان ريش لى من نأيهن سِهَام)
(لقد جمعت فِيهَا محَاسِن أَصبَحت ... لدرج فنجار الشَّام وهى ختام)
(بِلَاد بهَا الْحَصْبَاء در وتربها ... عبير أنفاس الشمَال مدام)
(وغرتها أضحت بجبهة روضها ... تضئ فخلخال الغدير لزام)
(تناءيت عَنْهَا فالفؤاد مشتت ... ووعر الفيافى بَيْننَا ورغام)
(لقد كدت أقضى من بعادى تشوقا ... اليها وجسمى قد عراه سقام)
ويستحاد لَهُ قَوْله
(لهفى على زمن قَضيته جذلا ... مسربلا ببرود الْعِزّ وَالنعَم)
(مضى كَانَ لم يكن ذَاك الزَّمَان أَتَى ... حَتَّى كأنى بِهِ فى غَفلَة الْحلم)
(مَا أثمرت لى لياليه الَّتِى سلفت ... بلذة الْعَيْش الا زهرَة النَّدَم)
وَقَوله
(لله معترك يجول مهفهف ... فِيهِ وَلم يثن القوام عقار)
(وبكفه قصب الدُّخان كَأَنَّهَا الصعدات لَكِن للنديم نثار ... )
(وَالْوَجْه عِنْد الشّرْب مِنْهُ كَأَنَّهُ ... حلى الْمِجَن وَقد أثير غُبَار)
وَذكره الخفاجى فى كِتَابه الريحانه فَقَالَ وَلما ارتحلت عَن مصر فَارَقت أترابى ولداتى وَمَا بهَا من ذخائر مالى وكنز حياتى
(وظئر بِلَاد أرضعتنى بِمَائِهَا ... وأنفاس نسمات ومهد ديار)
مَرَرْت على دمشق الشَّام فَرَأَيْت من بهَا من الْكِرَام فَكَانَ مِمَّن نعمت بلقياه ووقفت على هضبات علاهُ هَذَا الاديب الحسيب وَالرَّوْض الاريض وَالربيع الخصيب فحبانى بانفاس من أنفاس الخزامة أندى وهبت مِنْهُ نفحات أنس كنفحات روض قبيل الصُّبْح يلتها الا ندا فعطر بفضائله المجامع وفكه بثمرات أدبه المسامع وَأهْدى الى فى مشرفة قصيدة حبانى بهَا وهى قَوْله
(بأفق دمشق قد طلع الشهَاب ... )
ثمَّ أوردهَا بِتَمَامِهَا فَلَا حَاجَة بايرادها هُنَا فَالْحَاصِل أَن فضائله وآدابه مَشْهُورَة مسلمة وَكَانَت وَفَاته فى سنة سبع وَخمسين وَألف رَحمَه الله
عبد اللَّطِيف الْمَعْرُوف بأنسى أحد موالى الرّوم ودرة قلادة الادب وَوَاحِد الزَّمَان فى الْكَمَال والمعرفة أَصله من بَلْدَة كوتاهية وَبهَا ولد ثمَّ دخل دَار الْخلَافَة فى حَدَاثَة سنه فخدم قاضى الْقُضَاة مُحَمَّد بن يُوسُف الشهير بنهالى وَورد مَعَه الى دمشق لما ولى قضاءها فى سنة اثنتى عشرَة وَألف واعتنى بِهِ مخدومه هَذَا فَأَقْرَأهُ وأدبه حَتَّى مهر