للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي الْعُهْدَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ وَهِشَامَ بْنَ إسْمَاعِيلَ كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوْ الْوَلِيدَةُ وَعُهْدَةَ السَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ أَوْ الْوَلِيدَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ حِينِ يُشْتَرَيَانِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنَّ عُهْدَةَ السَّنَةِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَقَدْ بَرِئَ الْبَائِعُ مِنْ الْعُهْدَةِ كُلِّهَا)

ــ

[المنتقى]

فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا يُعْلَمُ أَوْ لَا يُعْلَمُ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ أَكْثَرُ مِمَّا اُشْتُرِيَ بِهِ يُرِيدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُبْتَاعِ هَذَا الْمَالَ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ بِأَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَطُ عَيْنًا أَكْثَرَ مِمَّا اُشْتُرِيَ بِهِ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ يَكُونَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا فَيُشْتَرَى بِالدَّيْنِ أَوْ بِالنَّقْدِ أَوْ يَكُونَ الْمُشْتَرَطُ مِنْ الْمَالِ مَجْهُولًا عِنْدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ مَا اُشْتُرِطَ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِعِوَضٍ فِي الْبَيْعِ فَيُؤَثِّرُ فِيهِ الْفَسَادَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَمْ يَشْتَرِطْهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ بَقَاءَهُ عَلَى مِلْكِ الْعَبْدِ فَلَيْسَ بِعِوَضٍ فِي الْبَيْعِ اسْتَدَلَّ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ زَكَاةٌ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ جَارِيَةٌ اسْتَحَلَّ فَرْجَهَا بِمِلْكِهِ إيَّاهَا فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فَهُوَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى السَّيِّدِ فِي مَالِ الْعَبْدِ فَقَدْ خَالَفَنَا فِي ذَلِكَ مَنْ يُخَالِفُنَا فِي مِلْكِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ يَسْتَبِيحُ وَطْءَ أَمَتِهِ بِمِلْكِ يَمِينِهِ فَهُوَ فَصْلٌ صَحِيحٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ الْوَطْءُ إلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: نِكَاحٌ أَوْ مِلْكُ يَمِينٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ فِي أَمَتِهِ نِكَاحٌ لَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَسْتَبِيحَ وَطْأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ مِلْكُهُ لَهَا وَإِذَا صَحَّ مِلْكُهُ لِلْإِمَاءِ صَحَّ مِلْكُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ أَوْ كَاتَبَ تَبِعَهُ مَالُهُ يُرِيدُ أَنَّ مَالَهُ يَتْبَعُهُ بِإِطْلَاقِ الْعِتْقِ دُونَ اشْتِرَاطِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَذَلِكَ أَنَّ زَوَالَ مِلْكِ السَّيِّدِ عَنْ الْعَبْدِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا الْمُعَاوَضَةُ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فَفِي هَذَا لَا يَتْبَعُهُ الْمَالُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالنَّخَعِيُّ وَاللَّيْثُ خِلَافًا لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِمَا إنَّ الْمَالَ تَبَعٌ لِلْعَبْدِ فِي الْبَيْعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْعِتْقُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ وَتُسْقِطُ النَّفَقَةَ عَنْ السَّيِّدِ كَالْكِتَابَةِ فَفِي هَذَا الْمَالِ يَتْبَعُ الْعَبْدَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ هُوَ لِلسَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَمَّا كَانَتْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ مَلَكَ الْمُعْتِقُ بِهَا مَالَهُ فَبِأَنْ يَمْلِكَهَا بِالْعِتْقِ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ الْجِنَايَةُ فَإِنَّ الْمَالَ يَتْبَعُ فِيهَا الرَّقَبَةَ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهَا وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِتَبَعِ الْمَالِ الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَقِلٌ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ فَأَشْبَهَ انْتِقَالَهُ بِالْعَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُتْبَعُ مَالُهُ وَالْمَالُ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَقِلٌ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ إلَى مَالِكٍ فَلَمْ يَتْبَعْهُ مَالُهُ كَالْبَيْعِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، فَإِنْ أَفْلَسَ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ فَلَسَ الْعَبْدِ يَكُونُ بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التِّجَارَةِ فَيَسْتَغْرِقَ الدَّيْنُ مَالَهُ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَأْخُذُونَ مَالَهُ وَلَا حَقَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ سَيِّدِهِ وَلَا فِي رَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَنَاوَلَ إذْنُهُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ، وَمُبَايَعَتُهُ إنَّمَا تَقْتَضِي تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِذِمَّتِهِ دُونَ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ وَدُونَ رَقَبَتِهِ.

[مَا جَاءَ فِي الْعُهْدَةِ وَفِيهِ أَبْوَاب]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ وَهِشَامَ بْنَ إسْمَاعِيلَ كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>