للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ عَيْنًا وَتِبْرًا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّعْدَيْنِ أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنْ الْمَغَانِمِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَبَاعَا كُلَّ ثَلَاثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ عَيْنًا وَكُلَّ أَرْبَعَةٍ بِثَلَاثَةٍ عَيْنًا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا» )

ــ

[المنتقى]

وَالْمَوْزِ وَالرُّمَّانِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَإِنْ يَيْبَسُ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ مَا يُدَّخَرُ وَيَكُونُ فَاكِهَةً يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْفَاكِهَةَ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا لَيْسَتْ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ وَمَا يَبِسَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ الْيُبْسِ فَهَذَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ.

وَقَدْ قَالَ فِي الْمُزَابَنَةِ أَجَازَ مَالِكٌ فِيهَا التَّفَاضُلَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ قَالَ: الْبِطِّيخُ وَالْخِرْبِزُ وَالْقِثَّاءُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْخَوْخُ وَالرُّمَّانُ وَالْإِجَّاصُ وَعُيُونُ الْبَقَرِ وَالْمَوْزُ فَهَذَا كُلُّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ إذَا كَانَ رَطْبًا كُلُّهُ وَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ الْخَوْخُ وَالرُّمَّانُ وَالْإِجَّاصُ وَعُيُونُ الْبَقَرِ مِمَّا يُدَّخَرُ وَيَيْبَسُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ إنْ كَانَ رَطْبًا كُلَّهُ.

[بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ عَيْنًا وَتِبْرًا]

(ش) : قَوْلُهُ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّعْدَيْنِ أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنْ الْمَغَانِمِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ» مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ فِي الْمُرَاطَلَةِ بِالذَّهَبِ وَالْمُبَادَلَةِ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا أَنْ يَتَوَلَّى قَبْضَ الْعِوَضِ فِيهَا مَنْ عَقَدَهَا فَإِنْ عَقَدَ هُوَ الصَّرْفَ وَوَكَّلَ مَنْ يَقْبِضُ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَصْرِفُ وَيَقْبِضُ هُوَ فَابْنُ الْمَوَّازِ حَكَى عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا فَارَقَ الَّذِي عَقَدَ الصَّرْفَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ مَنْ عَقَدَ الصَّرْفَ قَدْ فَارَقَ مَنْ صَارَفَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي فَسَادِهِ مُفَارَقَةُ الْعَاقِدِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ عَقَدَ الصَّرْفَ وَدَفَعَ الدِّينَارَ وَأَحَالَ عَلَيْهِ مَنْ يَقْبِضُ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ فَارَقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُصَارِفِ لَهُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ أَحَالَ بِجَمِيعِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِبَعْضِهَا وَرَوَى زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُفْسَخُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَارِقَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُحَالِ بِالدَّرَاهِمِ سَوَاءٌ ثَبَتَ دَيْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ عَقْدِ الصَّرْفِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الصَّرْفِ أَنْ يَقْبِضَ الْعَاقِدُ الْعِوَضَ وَعِنْدَ أَشْهَبَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ قَبَضَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الصَّرْفِ أَنَّ الصَّرْفَ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ سُرْعَةَ الْقَبْضِ فِيهِ مُعْتَبَرَةٌ لِنَفْسِهَا لَا لِمَعْنًى غَيْرِهَا وَالْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ لَمْ يَلْزَمْ الْقَبْضُ فِيهَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى عَقْدِ الْإِقَالَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْأَعْيَانِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِيهَا لِئَلَّا يَئُولَ إلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ دِينَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ صَرَفَاهُ مِنْ رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى قَبْضِ الدَّرَاهِمِ وَانْقَلَبَ هُوَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إنْ قَبَضَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الصَّرَّافَ حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَكَذَلِكَ الْحُلِيُّ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّةٌ فِي الدِّينَارِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ بَاعَ جَمِيعَهُ فَجَازَ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَلَمْ يُفْسِدْهُ مُفَارَقَةُ صَاحِبِهِ الصَّرَّافَ وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ دِينَارًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَلَى قَبْضِهِ جَازَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَذَلِكَ إذَا اشْتَرَكَا فِي الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الصَّرْفِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ الْآخَرُ إلَيْهِ مِثْلَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا بِذَلِكَ دِينَارًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْقَبْضُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنْ الْمَغَانِمِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ» ظَاهِرُ لَفْظِ آنِيَةٍ يَقْتَضِي صِحَّتَهَا وَبَقَاءَ صِيَاغَتِهَا وَيُؤَكِّدُ هَذَا الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا بَاعَا كُلَّ ثَلَاثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَذَلِكَ يَقْتَضِي جَوَازَ اتِّخَاذِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>