للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَالسَّلَفِ فِيهِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَاعَ جَمَلًا لَهُ يُدْعَى عُصَيْفِيرًا بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إلَى أَجَلٍ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ

ــ

[المنتقى]

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ التَّسْعِيرِ) .

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ وُجُوهَ أَهْلِ سُوقِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَيُحْضِرَ غَيْرَهُمْ اسْتِظْهَارًا عَلَى صِدْقِهِمْ فَيَسْأَلُهُمْ كَيْفَ يَشْتَرُونَ، وَكَيْفَ يَبِيعُونَ فَيُنَازِلُهُمْ إلَى مَا فِيهِ لَهُمْ، وَلِلْعَامَّةِ سَدَادٌ حَتَّى يَرْضَوْا بِهِ قَالَ: وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى التَّسْعِيرِ، وَلَكِنْ عَنْ رِضًا، وَعَلَى هَذَا أَجَازَهُ مَنْ أَجَازَهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ بِهَذَا يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ مَصَالِحِ الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ، وَيَجْعَلُ لِلْبَاعَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّبْحِ مَا يَقُومُ بِهِمْ، وَلَا يَكُونُ فِيهِ إجْحَافٌ بِالنَّاسِ، وَإِذَا سَعَّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ رِضًا بِمَا لَا رِبْحَ لَهُمْ فِيهِ أَدَّى ذَلِكَ إلَى فَسَادِ الْأَسْعَارِ، وَإِخْفَاءِ الْأَقْوَاتِ، وَإِتْلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي ذِكْرِ مَنْ يُسَعِّرُ عَلَيْهِمْ] ١

أَمَّا مَنْ يُسَعِّرُ عَلَيْهِمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهُمْ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ، وَأَمَّا الْجَالِبُ فَلَا يُسَعَّرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا أَنَّ مَا يَجْلِبُهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَصْلُ الْقُوتِ، وَهُوَ الْقَمْحُ أَوْ الشَّعِيرُ فَهَذَا لَا يُسَعَّرُ عَلَيْهِ بِرِضَاهُ، وَلَا بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ وَأَمْكَنَهُ إذَا اتَّفَقُوا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ قَبْلَ هَذَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا جَالِبُ الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَاللَّحْمِ وَالْبَقْلِ وَالْفَوَاكِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِيه أَهْلُ السُّوقِ لِلْبَيْعِ عَلَى أَيْدِيهِمْ فَهَذَا أَيْضًا لَا يُسَعَّرُ عَلَى الْجَالِبِ وَلَا يُقْصَدُ بِالتَّسْعِيرِ، وَلَكِنَّهُ إذَا اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّوقِ عَلَى سِعْرٍ قِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تَلْحَقَ بِهِ، وَإِلَّا فَأُخْرِجَ عَنْهُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّسْعِيرُ مِنْ الْمَبِيعَاتِ] ١

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا فِيمَا عَدَا الْقُطْنِ وَالْبَزِّ، وَيَجِبُ أَنْ يَخْتَصَّ التَّسْعِيرُ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُمْكِنُ تَسْعِيرُهُ لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مِنْ قَبْلِ هَذَا.

[مَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَالسَّلَفِ فِيهِ]

(ش) : قَوْلُهُ بَاعَ جَمَلًا لَهُ يُدْعَى عُصَيْفِيرًا بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إلَى أَجَلٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ بَيْعِ الْجِنْسِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا إلَى أَجَلٍ إذَا تَبَايَنَتْ الْأَغْرَاضُ فِيهِ، وَقَدَّمْنَا مِنْ قَبْلُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْإِبِلِ الْقُوَّةُ عَلَى الْحَمْلِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْجَمَلُ مَشْهُورًا بِالْقُوَّةِ عَلَى الْحَمْلِ مَا يُنَافِيه غَايَةُ فِي بَابِهِ جَازَ بَيْعُهُ إلَى أَجَلٍ بِعِشْرِينَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِبِلِ، وَلَا يَخْلُو أَنْ يُبَاعَ وَاحِدٌ بِعِشْرِينَ إلَّا لِأَنَّهُ غَايَةٌ فِي بَابِهِ، وَإِنَّ الْعِشْرِينَ لَيْسَتْ فِي الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا مُتَقَدِّمٌ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ جُمْلَةِ حَوَاشِي الْإِبِلِ الَّتِي لَا تُوصَفُ بِذَلِكَ، وَلَا تُشَارِكُ فِيهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوَفِّيهَا صَاحِبُهَا بِالرَّبَذَةِ) .

(ش) : قَوْلُهُ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَوَازُ التَّفَاضُلِ فِيهَا إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّ الرَّاحِلَةَ الَّتِي أَخَذَ غَايَةٌ فِي الْحَمْلِ، وَالرَّاحِلَةُ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْإِبِلِ، وَكَذَلِكَ الْبَدَنَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ يُوَفِّيه إيَّاهَا بِالرَّبَذَةِ فَإِنَّهُ إذَا عَيَّنَ مَوْضِعَ قَضَاءِ السَّلَمِ جَازَ ذَلِكَ، وَلَزِمَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ) .

(ش) : قَوْلُهُ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ لَا بَأْسَ بِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْخِلْقَةِ وَالِاسْمِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فِي الْخِلْقَةِ وَالتَّسْمِيَةِ، وَلَكِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ إنْ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ قَبْلَ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>