للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي لَحْمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْوُحُوشِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ إذَا تَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مَثَلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ)

ــ

[المنتقى]

بِذَلِكَ فِيهَا.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْكَبْشِ الْخَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى لِلْعَجَلَةِ الْمَقْصُودَةِ، وَهِيَ فِي الذُّكُورِ الْفَحْلَةُ، وَفِي الْإِنَاثِ الدَّرُّ، وَالنَّسْلُ جَائِزٌ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الصُّوفِ وَالسِّمَنِ مَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ لَا يُوجَدُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَالِ حَيَاتِهِ فَإِذَا كَانَتْ فِيهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَيِّ مَعَ الْحَيِّ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ كَانَتْ فِيهِ مَنَافِعُ أَوْ لَمْ تَكُنْ فَرَاعَيَا جَوَازَ حَيَاتِهِ وَإِمْكَانَ بَقَائِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، وَقُلْنَا إنَّ حُكْمَ هَذَا الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُسْتَحْيَا حُكْمُ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ، وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِاللَّحْمِ أَمْ لَا فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ فَمَنَعَ مِنْهُ مَرَّةً، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَخَفَّفَهُ أُخْرَى فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ.

فَوَجْهُ كَرَاهِيَتِهِ تَنَاوَلَ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ تَعَذَّرَ بَقَاؤُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ فَيَتَعَذَّرُ التَّمَاثُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّحْمِ الْآخَرِ، وَوَجْهُ تَخْفِيفِهِ أَنَّهُ لَحْمٌ بَرِّيٌّ فَجَازَ بِلَحْمٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِهِ يَدًا بِيَدٍ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا إنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ مُتَمَاثِلًا فَإِنَّ التَّمَاثُلَ يَكُونُ فِيهِ بِالتَّحَرِّي؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ فِيهِ إلَى مَعْرِفَةِ التَّمَاثُلِ إلَّا بِالتَّحَرِّي، وَإِنَّمَا يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةُ أُصُولٍ أَحَدُهَا جَوَازُ بَيْعِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ، وَالثَّانِي جَوَازُ التَّحَرِّي فِي الْعِوَضَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِمَّا يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَالثَّالِثُ صِحَّةُ التَّحَرِّي فِي الْحَيِّ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ الْخِلَافُ فِي الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ] ١

ِ اللَّحْمُ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّسَاوِي أَوْ التَّفَاضُلُ هُوَ اللَّحْمُ عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي يُسْتَعْمَلُ عَلَيْهَا فِي بَيْعٍ وَطَبْخٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ عَظْمٍ، وَغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْعَظْمُ مُضَافًا إلَيْهِ، وَذَلِكَ كَنَوَى التَّمْرِ حُكْمُهُ حُكْمُ التَّمْرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُضَافًا إلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْكَرِشُ وَالْكَبِدُ وَالْقَلْبُ وَالرِّئَةُ وَالطِّحَالُ وَالْكُلْيَتَانِ وَالْحُلْقُومُ وَالشَّحْمُ وَالْخُصْيَتَانِ وَالرُّءُوسُ وَالْأَكَارِعُ فَلَا يَصْلُحُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِاللَّحْمِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ، وَمَا عَلِمْت مَالِكًا كَرِهَ أَكْلَ الطِّحَالِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللَّحْمِ أَيْضًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي لَحْمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْوُحُوشِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ إذَا تَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مَثَلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ لَحْمَ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ جِنْسٌ يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَلَحْمَ الطَّيْرِ جِنْسٌ آخَرُ يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَحْمِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَلَحْمَ الْحِيتَانِ جِنْسٌ ثَالِثٌ يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنْسَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَالْأَمْرُ فِي الْجَرَادِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ اخْتِلَافِ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جِنْسٌ رَابِعٌ، وَالثَّانِي لَيْسَ بِلَحْمٍ.

وَقَدْ رُوِيَ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ أَشْهَبَ لَا بَأْسَ بِالْجَرَادِ مُتَفَاضِلًا فَأَخْرَجَهُ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُقْتَاتًا أَوْ مُدَّخَرًا، وَإِذَا جَازَ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَمَرَّةً قَالَ كُلُّ جِنْسٍ مِنْ الْحَيَوَانِ بِلَحْمِهِ جِنْسٌ مَخْصُوصٌ، وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَحْمِ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَجْعَلُ الْبُخْتَ وَالْعِرَابَ جِنْسًا وَاحِدًا، وَالْبَقَرَةَ وَالْجَوَامِيسَ جِنْسًا وَاحِدًا، وَالضَّأْنَ وَالْمَاعِزَ جِنْسًا وَاحِدًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا إنَّ اللُّحُومَ كُلَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لُحُومُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَلُحُومُ الطَّيْرِ وَلُحُومُ الْحِيتَانِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مُرَاعَاةِ الْمَنَافِعِ وَالْأَغْرَاضِ، وَإِذَا كَانَ وَجْهُ اسْتِعْمَالِهِ مُخَالِفًا لِوَجْهِ اسْتِعْمَالِ لَحْمِ الْوَحْشِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَا جِنْسَيْنِ كَلَحْمِ الْحِيتَانِ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّا قَدْ فَرَّقْنَا بَيْنَ أُصُولِ الْأَقْوَاتِ، وَجَعَلْنَاهَا أَجْنَاسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>