للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا يُوزَنُ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ النُّحَاسِ وَالشَّبَّةِ وَالرَّصَاصِ وَالْآنُكِ وَالْحَدِيدِ وَالْقَضْبِ وَالتِّينِ وَالْكُرْسُفِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُوزَنُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ رِطْلٌ حَدِيدٌ بِرِطْلَيْ حَدِيدٍ، وَرِطْلٌ صَفَرٌ بِرِطْلَيْ صَفَرٍ قَالَ مَالِكٌ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ فَإِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ مِنْ ذَلِكَ فَبَانَ اخْتِلَافُهُمَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ مِنْهُ يُشْبِهُ الصِّنْفَ الْآخَرَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الِاسْمِ مِثْلَ الرَّصَاصِ وَالْآنُكِ، وَالشَّبَّةِ وَالصُّفْرِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ)

ــ

[المنتقى]

الَّتِي قَبَضَهَا بِثَمَنٍ مُؤَخَّرٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ لَقِيَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ بَلَدِ السَّلَمِ بَعْدَ أَنْ حَلَّ الْأَجَلُ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَ مَالَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ أَرْفَعَ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ أَرْفَعَ فَهِيَ زِيَادَةٌ لِطَرْحِ الضَّمَانِ، وَإِذَا أَخَذَ أَدْوَنَ فَهُوَ وَضْعٌ لِتَعْجِيلِ الْحَقِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَ مَالِهِ، وَلَا أَرْفَعَ، وَلَا أَوْضَعَ، وَرَوَى ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَدْخُلُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ مَا يَدْخُلُهُ فِي أَرْفَعَ وَأَدْنَى؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ وَضَعَ الْمَسَافَةَ لِيَتَعَجَّلَ لَهُ حَقَّهُ، وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ زَادَهَا لِيَزُولَ عَنْهُ الضَّمَانُ فَيَدْخُلُهُ الْوَجْهَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ إنْ أَخَذَ الْمِثْلَ قَبْلَ الْأَجَلِ جَازَ، وَلَيْسَ لِلْمِلْكِ تَأْثِيرٌ إلَّا مِثْلَ تَأْثِيرِ الْأَجَلِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا انْفَرَدَ لَمْ يَمْنَعْ قَبْضَ الْمِثْلِ فَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَا، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

[بَيْعُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا يُوزَنُ]

(ش) : مَعْنَى قَوْلِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ مِمَّا لَيْسَ بِمَطْعُومٍ، وَلَا ثَمَنٍ كَالْحِنَّاءِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ يَدًا بِيَدٍ، وَيَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ مَعَ الْأَجَلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ هَذَا.

(فَصْلٌ) :

وَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ يُشْبِهُ الصِّنْفَ الْآخَرَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الِاسْمِ كَالرَّصَاصِ وَالْآنُكِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ إلَى أَجَلٍ يُرِيدُ بِالتَّشَابُهِ تَقَارُبُ الْمَنَافِعِ مَعَ تَقَارُبِ الصُّورَةِ كَالْآنُكِ وَالرَّصَاصِ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْقَصْدِيرِ فَإِنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الْبَابِ، وَكَذَلِكَ الشَّبَّةُ وَالصُّفْرُ وَالنُّحَاسُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَالْحَدِيدُ لَيِّنُهُ وَذَكِيرُهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِالْعَمَلِ فَإِذَا عُمِلَ الْحَدِيدُ سُيُوفًا أَوْ سَكَاكِينَ أَوْ النُّحَاسُ أَوَانِيَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ أَصْنَافًا بِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ وَالصُّوَرِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ لَا يَجُوزُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ نَقْدًا مُتَفَاضِلًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا مَا ذَكَرُهُ أَصْحَابُنَا عَنْ مَالِكٍ فِي مَنْعِ التَّفَاضُلِ فِي الْفُلُوسِ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَنْعُهُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَنْعُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَجْهُ الْكَرَاهِيَةِ أَنَّ السِّكَّةَ فِي النُّحَاسِ صِنَاعَةٌ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ أَصْلِهِ فَلَمْ تَنْقُلْهُ مِنْ إبَاحَةِ التَّفَاضُلِ إلَى تَحْرِيمِهِ كَصِنَاعَتِهِ طُسُوتًا وَأَوَانِيَ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ التَّحْرِيمِ أَنَّ السِّكَّةَ نَوْعٌ يَخْتَصُّ بِالْإِثْمَانِ فَوَجَبَ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ كَجِنْسِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَنْ نَسَبَ مَالِكًا فِي هَذَا الْقَوْلِ إلَى الْمُنَاقَضَةِ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ وَجْهَ الْحُكْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَمَا اشْتَرَيْتَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ كُلِّهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ إذَا قَبَضْت ثَمَنَهُ إذَا كُنْت اشْتَرَيْته كَيْلًا أَوْ وَزْنًا فَإِنْ اشْتَرَيْته جُزَافًا فَبِعْهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَذَلِكَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْك إذَا اشْتَرَيْته جُزَافًا، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>