للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ)

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْبَزِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ ثُمَّ يَقْدَمُ بِهِ بَلَدًا آخَرَ فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ فِيهِ أَجْرُ السَّمَاسِرَةِ وَلَا أَجْرُ الطَّيِّ وَلَا الشَّدِّ وَلَا النَّفَقَةِ وَلَا كِرَاءُ الْبَيْتِ فَأَمَّا كِرَاءُ الْبَزِّ فِي حُمْلَانِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ، وَلَا يُحْسَبُ فِيهِ رِبْحٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَنْ يُسَاوِمُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنْ رَبَّحُوهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا الْقِصَارَةُ، وَالْخِيَاطَةُ وَالصِّبَاغُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ يُحْسَبُ فِيهِ الرِّبْحُ كَمَا يُحْسَبُ فِي الْبَزِّ فَإِنْ بَاعَ الْبَزَّ، وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِمَّا سَمَّيْت أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ فَإِنْ فَاتَ الْبَزُّ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُحْسَبُ، وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ رِبْحٌ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْبَزُّ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا)

ــ

[المنتقى]

فَيَكُونَ كَالْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَأَى جَمِيعًا، وَتَوَاصَفَا السِّمَنَ فَقَطْ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِيمَنْ بَاعَكُمْ أَخْفَافًا أَوْ بَزًّا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلَى اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَا عَدَدَهَا فَهَذِهِ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةُ سَحْنُونٍ وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِشَرْطٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونٍ يَقْتَضِي الشَّرْطَ، وَإِلَّا فَهُوَ وِفَاقٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْأَعْدَالَ تَلْحَقُ الْمَشَقَّةَ وَالْمُؤْنَةَ بِإِعَادَتِهَا إلَى حَالِهَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي غَالِبِ الْحَالِ إلَّا بِالْأُجْرَةِ، وَصَانِعٍ يَتَوَلَّى ذَلِكَ، وَالسَّائِمُونَ يَتَكَرَّرُونَ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَسُومُ، وَيَنْظُرُ إلَى الْمُبْتَاعِ يَشْتَرِيهِ فَرُبَّ إنْسَانٍ لَا يُوَافِقُهُ وَآخَرَ يُوَافِقُهُ، وَلَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ الَّذِي يُرْضِي الْبَائِعَ، وَتَرَكَ الْمُبْتَاعَ دُونَ شَدٍّ وَإِعَادَةٍ إلَى الْحَالِ الْأُولَى تُغَيِّرُهُ، وَتَذْهَبُ بِجَمَالِهِ، وَتُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ تَرَكَ دُونَ أَنْ يُعَادَ إلَى الشَّدِّ تَغَيَّرَ، وَإِنْ أُعِيدَ إلَى الشَّدِّ بَعْدَ رُؤْيَةِ كُلِّ مُسَاوِمٍ لَهُ، وَرُبَّمَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ، وَطَالَ لَحِقَتْ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ، وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ، وَالنَّفَقَةُ فَلِهَذِهِ الضَّرُورَةِ جَازَ أَنْ تَقُومَ الصِّفَةُ مَقَامَ رُؤْيَةِ الْمُبْتَاعِ، وَالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّوْبُ الْمُدْرَجُ فِي جِرَابِهِ، وَإِنَّ إخْرَاجَهُ مِنْهُ، وَنَظَرَهُ إلَيْهِ وَرَدَّهُ فِيهِ لَيْسَتْ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَلِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ فَلَا تَلْحَقُ فِيهِ نَفَقَةٌ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ، وَتَكَرَّرَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ بَيْعِهِ عَلَى الرُّؤْيَةِ إلَى بَيْعِهِ عَلَى الصِّفَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ غَيْرَ مُجَرَّدِ الْغَرَرِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا بِيَدِهِ لَا مَضَرَّةَ فِي نَشْرِهِ وَتَقْلِيبِهِ عَلَى الصِّفَةِ دُونَ الرُّؤْيَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ مِنْ الرُّؤْيَةِ إلَى الصِّفَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ مَنْ قَدِمَ بِمَتَاعٍ فَبَاعَهُ مُرَابَحَةً لَا يُحْسَبُ فِيهِ أَجْرُ السَّمَاسِرَةِ، وَلَا أَجْرُ الطَّيِّ وَلَا الشَّدِّ وَلَا النَّفَقَةُ، وَلَا كِرَاءُ بَيْتٍ يُرِيدُ بِأَجْرِ السَّمَاسِرَةِ مِنْ كُلْفَةِ شِرَاءِ الْمَتَاعِ وَكَذَلِكَ أَجْرُ طَيِّهِ وَشَدِّهِ إعْدَالًا وَنَفَقَةُ التَّأْجِيرِ وَكِرَاءُ بَيْتِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكِرَاءُ رُكُوبِهِ لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ الْمَتَاعِ دُونَ أَنْ يُبَيِّنَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ قَامَتْ عَلِيَّ بِكَذَا، وَلَوْ بَيَّنَ وَقَالَ لَا بَيْعَ مُرَابَحَةٍ إلَّا أَنْ أَعُدَّهَا فِي الثَّمَنِ، وَآخُذَ لَهُ رِبْحًا لَجَازَ ذَلِكَ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا كِرَاءُ الْبَزِّ فِي حَمْلِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ، وَلَا يُحْسَبُ فِيهِ رِبْحٌ إلَّا أَنْ يُعْلِمَ الْبَائِعُ مَنْ يُسَاوِمُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ يُرِيدُ أَنَّ حَمْلَ الْبَزِّ مِنْ بَلَدِ ابْتِيَاعِهِ إلَى بَلَدِ بَيْعِهِ مِمَّا يُحْسَبُ فِي ثَمَنِهِ، وَلَا يَجْعَلْ لَهُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ فِيمَا بَاعَ لِرِبْحٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، وَهَذَا حُكْمُ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فَيَكُونَ عَلَى مَا شَرَطَ، وَذَلِكَ جَائِزٌ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ الْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالصِّبَاغِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْفَتْلِ وَالْكِمَادِ وَالتَّطْوِيَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ وَالطِّرَازِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ يُحْسَبُ لَهُ الرِّبْحُ كَمَا يُحْسَبُ لِلْبَزِّ فَجَعَلَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>