للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» ) .

مَا جَاءَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ» ) .

ــ

[المنتقى]

[قَدْرُ السُّحُورِ مِنْ النِّدَاءِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَجَوَازِ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» فَأَبَاحَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي وَقْتٍ يُؤَذِّنُ فِيهِ بِلَالٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت» ) .

(ش) : قَوْلُهُ «فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» يَقْتَضِي مَنْعَ الْأَكْلِ إذَا أَذَّنَ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ فِي الْغَايَةِ وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنَيْنِ فِي مَسْجِدٍ يُؤَذِّنَانِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلْقَوْمِ فِي السَّفَرِ وَالْحَرَسِ وَالْمَرْكَبِ ثَلَاثَةُ مُؤَذِّنِينَ وَأَرْبَعَةٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُتَّخَذَ فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعَةُ مُؤَذِّنِينَ وَخَمْسَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا بَأْسَ فِيمَا اتَّسَعَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ كَالصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ أَنْ يُؤَذِّنَ خَمْسَةٌ إلَى عَشَرَةٍ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَفِي الْعَصْرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى الْخَمْسَةِ وَلَا يُؤَذِّنُ فِي الْمَغْرِبِ إلَّا وَاحِدٌ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَذَانِ الْأَعْمَى إذْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ اتَّخَذَهُ مُؤَذِّنًا لِأَنَّ عَمَاهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِعْلَامِ بِالصَّلَاةِ إذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُعْلِمُهُ بِالْأَوْقَاتِ وَيَرْقُبُهَا لَهُ فَيُجْزِئُ عَنْهَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يُخْبِرُ بِهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ مَالِكٌ إنَّ الْمُؤَذِّنَ إمَامٌ وَالْأَعْمَى يَجُوزُ أَنْ يَكُون إمَامًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ وَقْتُ الصَّلَاةِ إلَى الْأَئِمَّةِ إقَامَتُهَا وَيُقْتَدَى بِهِمْ فِيهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ أَصْبَحْت أَصْبَحْت لَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الصُّبْحَ قَدْ ظَهَرَ وَانْفَجَرَ وَلَكِنَّهُ عَلَى مَعْنَى التَّحْذِيرِ مِنْ طُلُوعِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَلِهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ مَنْ يَرْقُبُ الْفَجْرَ أَصْبَحْت بِمَعْنَى أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ بَدَا فَيُؤَذِّنُ حِينَئِذٍ وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ أَذَانُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ قَبْلَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ وَلَكَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ لَمْ يُؤَذِّنْ حَتَّى يَقُولَ لَهُ مَنْ رَأَى الْفَجْرَ أَصْبَحْت وَقَدْ أَبَاحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَكْلَ حَتَّى يُؤَذِّنَ لَكَانَ أَكْلُ الْمُنْتَظِرِ لِأَذَانِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَقَعَ أَكْلُهُ إلَى وَقْتٍ يَتَبَيَّنُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ صَوْمِهِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ لِلصَّائِمِ أَنْ يَأْكُلَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ وَأَنَّهُ إنْ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» أَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مُبَاحٌ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي أُمِرَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَنْ يُؤَذِّنَ فِيهِ إذَا قِيلَ لَهُ أَصْبَحْت وَهُوَ أَوَّلُ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

[مَا جَاءَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>