للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ الْخُلْطَةُ]

ُ أَمَّا مَا تَثْبُتُ بِهِ الْخُلْطَةُ فَإِقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا، وَالْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا بِالْخُلْطَةِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تُوجِبُ الْيَمِينَ أَنَّهُ خَلِيطُهُ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَنِيَّة مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الشَّاهِدِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إذَا أَقَامَ بِالْخُلْطَةِ شَاهِدًا وَاحِدًا حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَتَثْبُتُ الْخُلْطَةُ ثُمَّ يَحْلِفُ حِينَئِذٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ ابْنُ كِنَانَةَ بِقَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ أَمْرٌ لَا يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ الْيَمِينِ فَتَثْبُتُ بِسَبَبٍ أَوْ بِشَيْءٍ يُرِيدُ مِمَّا تَقْوَى بِهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ مَعْنًى يَثْبُتُ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ، وَلَمَّا اخْتَصَّ بِالْمَالِ ثَبَتَ بِمَا ثَبَتَ بِهِ الْمَالُ مِنْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَثْبَتَ حَقَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَدَفَعَهَا الْمَطْلُوبُ بِعَدَاوَةٍ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَقَدْ قِيلَ يَحْلِفُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْبَيِّنَةَ الْمَرْدُودَةَ لَمَّا لَمْ تُؤَثِّرْ فِيمَا شَهِدَتْ بِهِ مِنْ الْحَقِّ فَبِأَنْ لَا تُؤَثِّرَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُشْهَدْ بِهِ مِنْ الْخُلْطَةِ أَوْلَى، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ رُدَّتْ بَعْدَ الْقَبُولِ فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْإِرْثِ فِي إيجَابِ الْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ فِي الدِّمَاءِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ فَإِذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّعَاوَى إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْحَاكِمِ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ كَانَ خَلِيفَةً، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَقْضِي فِي الْحَالَتَيْنِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا فَأَمَّا الْخَلِيفَةُ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ حُكْمِهِ وَقَدْ حَكَمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، وَإِنَّمَا اسْتَقْضَى الْقُضَاةُ حِينَ اتَّسَعَ الْأَمْرُ وَشُغِلَ الْخُلَفَاءُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا أَمِيرٌ غَيْرُ مُؤَمَّرٍ يُرِيدُ أَنَّهُ غَالِبٌ مَالِكٌ لِلْأَمْرِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ: هُوَ كَالْخَلِيفَةِ يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا فِي جَوْرٍ أَوْ خَطَأٍ بَيِّنٍ، يُرِيدُ فَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ مُؤَمَّرًا يُرِيدُ وَلَّاهُ غَيْرُهُ يُفَوِّضُ إلَيْهِ حُكُومَةً فَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ، وَلَا أَنْ يَسْتَقْضِيَ غَيْرَهُ، وَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَنْفُذْ حَتَّى يُفَوِّضَ إلَيْهِ نَصًّا فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَقْضِيَ قَاضِيًا، وَيَجُوزُ حُكْمُهُ وَحُكْمُ قَاضِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إذَا كَانَ مِثْلُ وَالِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة أَوْ وَالِي الْفُسْطَاطِ أَمِيرَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ قَضَاءَهُ مَاضٍ وَقَضَاءَ قَاضِيهِ إلَّا فِي جَوْرٍ بَيِّنٍ.

وَنَحْوُهُ رُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ وَزَادَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمِيرُ عَدْلًا لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونَ أَنَّ الْوِلَايَةَ إذَا كَانَتْ بِغَلَبَةٍ وَمَلَكَةٍ لِلْأَمْرِ فَهِيَ عَامَّةٌ، وَإِذَا وَلَّاهُ غَيْرُهُ فَهِيَ مَقْصُورَةٌ عَلَى مَا وَلَّاهُ إيَّاهُ دُونَ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُوَلِّ عَلَى الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ وِلَايَةَ الْإِمَارَةِ عَامَّةٌ فَتَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى الْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا قَضَى صَاحِبُ السُّوقِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَرْضِينَ، وَلِلنَّاسِ قَاضٍ أَوْ مَاتَ قَاضِيهِمْ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَالْمَجْمُوعَةِ: إنْ جَعَلَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمِيرُ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ كَأَمِيرِ مِصْرَ، وَإِفْرِيقِيَةَ وَالْأَنْدَلُسِ جَازَ قَضَاؤُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا فَقِيهًا، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَوَالِي الْمِيَاهِ إذَا جَعَلَ إلَيْهِ الْأَمِيرُ الْقَضَاءَ وَكَانَ عَدْلًا وَحَكَمَ بِصَوَابٍ جَازَ حُكْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَكِتَابِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ فَإِذَا قُدِّمَ لِلْقَضَاءِ وَالِي الْمِيَاهِ أَوْ غَيْرُهُ، وَوَجَدْنَا فِيهِ شُرُوطَ الْقَضَاءِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا صَحَّتْ أَحْكَامُهُ، وَإِنْ عُدِمَتْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ مِنْهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ حَكَّمَ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلًا فَقَضَى بَيْنَهُمَا فَقَضَاؤُهُ جَائِزٌ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَضَى بِمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَيَرَى الْقَاضِي خِلَافَهُ فَحُكْمُهُ مَاضٍ إلَّا فِي جَوْرٍ بَيِّنٍ.

وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا قَدَّمَاهُ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمَا بِمَا يَرَاهُ وَالْتَزَمَا ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ذَلِكَ إلَّا بِمُوَافَقَتِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>