للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءُ فِي الْمُسْتَكْرَهَةِ مِنْ النِّسَاءِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَضَى فِي امْرَأَةٍ أُصِيبَتْ مُسْتَكْرَهَةً بِصَدَاقِهَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا قَالَ يَحْيَى: سَمِعَتْ مَالِكًا يَقُولُ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَغْتَصِبُ الْمَرْأَةَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا وَالْعُقُوبَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُغْتَصِبِ وَلَا عُقُوبَةَ عَلَى الْمُغْتَصَبَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُغْتَصِبُ عَبْدًا فَذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُسْلِمَهُ)

ــ

[المنتقى]

هُوَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ ظَهَرَ الرِّبْحُ فِيهِ وَالْوَضِيعَةُ، فَلِرَبِّ الْمَالِ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ وَعَلَى الْعَامِلِ جَمِيعُ الْوَضِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ بِالْمَالِ وَهُوَ عَيْنٌ بَعْدُ فَعَمِلَ بِهِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ وَالْوَضِيعَةَ عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِاسْمِ الْقِرَاضِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا فَالرِّبْحُ عَلَى شَرْطِ الْقِرَاضِ، وَلَا يُخْرِجُهُ مَا لَمْ يُفَوِّتْ بِذَلِكَ غَرَضًا فَإِنْ فَوَّتَ غَرَضًا كَانَ لِصَاحِبِهِ فِيهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يُبْضِعُ مَعَهُ لِيَشْتَرِيَ سِلْعَةً مُسَمَّاةً فَيَشْتَرِيَ غَيْرَهَا فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْبِضَاعَةِ أَنْ يَأْخُذَ مَا اشْتَرَى بِمَالِهِ أَوْ يُضَمِّنَهُ إيَّاهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُبْضِعَ مَعَهُ قَدْ تَعَدَّى عَلَى الْبِضَاعَةِ وَمَنَعَ صَاحِبَهَا غَرَضَهُ مِنْهَا وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا دُونَ صَاحِبِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَعْلَمَ بِتَعَدِّيهِ قَبْلَ بَيْعِ مَا اشْتَرَى بِهِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فَإِنَّهُ عَلَى مَا قَالَ يُخَيَّرُ رَبُّ الْبِضَاعَةِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ الَّتِي ابْتَاعَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ بِمَالٍ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ ثَمَنَهَا، وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَمَا بَاعَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ السِّلْعَةَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْمُبْضِعِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَ الْبِضَاعَةَ قَالَ عِيسَى أَمَرَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ أَضْرِبَ عَلَيْهَا وَأُوقِفَهَا وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي ثَمَنِهَا رِبْحٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبِضَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَعَلَى الْمُبْضِعِ مَعَهُ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ جِنْسٍ مَخْصُوصٍ فَإِذَا فَاتَ ذَلِكَ بِشِرَائِهِ مَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُبْضِعِ مَعَهُ إلَّا الِاسْتِبْدَادُ بِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ كَالْوَدِيعَةِ وَبِهَذَا خَالَفَ الْعَامِلَ فِي الْقِرَاضِ فَإِنْ قَصَدَ رَبُّ الْمَالِ الرِّبْحَ فَلَمَّا خَالَفَهُ الْعَامِلُ أَرَادَ الِاسْتِبْدَادَ بِالرِّبْحِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: أَنَّ رَبَّ الْبِضَاعَةِ قَدْ أَمَرَهُ بِتَصْرِيفِهَا فِي وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَإِذَا تَعَدَّى عَلَى الْبِضَاعَةِ وَأَرَادَ الِانْفِرَادَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَمَالِ الْقِرَاضِ وَبِهَذَا يُخَالِفُ الْوَدِيعَةَ فَإِنَّ الْوَدِيعَةَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِتَصْرِيفِهَا لَهُ فِي مَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا وَهَذَا الْغَرَضُ لَا يَفُوتُهُ بِتَصْرِيفِهَا فِيمَا اشْتَرَى بِهِ لِنَفْسِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ أَخْذُ مَا اشْتَرَى بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ بَاعَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ مَا اشْتَرَى بِالْبِضَاعَةِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَكَانِهَا أَوْ اشْتَرَى بِهَا مَا أَمَرَهُ بِهِ فَتَلِفَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِرَدِّهَا.

وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى الْمُبْضِعُ مَعَ سِلَعِهِ لِنَفْسِهِ بِالْبِضَاعَةِ مَا بَاعَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُمِرَ بِالشِّرَاءِ فِيهِ وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَلَمْ يَفُتْ الشِّرَاءُ فَكَانَ لِهَذِهِ الْبِضَاعَةِ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَسَلَّفَهَا وَصَيَّرَهَا فِي ضَمَانِهِ فَلَمَّا رَدَّهَا قَبْلَ فَوَاتِ مَا أُمِرَ بِهِ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حَاجَتِهِ إلَى الْبَيِّنَةِ فِي رَدِّ ذَلِكَ إلَى حَالِ الْوَدِيعَةِ وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[الْقَضَاءُ فِي الْمُسْتَكْرَهَةِ مِنْ النِّسَاءِ]

(ش) : الْمُسْتَكْرَهَةُ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى مَنْ اسْتَكْرَهَهَا وَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ اللَّيْثِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>