للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْطَى بَعْضَ وَرَثَتِهِ شَيْئًا لَمْ يَقْبِضْهُ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ مِيرَاثًا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ وَلَا يُحَاصُّ أَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) .

مَا جَاءَ فِي الْمُؤَنَّثِ مِنْ الرِّجَالِ وَمَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمَعُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الطَّائِفَ غَدًا فَأَنَا أَدُلُّك عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ» )

ــ

[المنتقى]

تَخَافُ مِنْ مَوْجِدَتِهِ، وَلَيْسَ الَّتِي يُسَلِّمُهَا ذَلِكَ كَاَلَّتِي تَبْتَدِئُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَيْسَ كُلُّ زَوْجَةٍ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فَرُبَّ زَوْجَةٍ لَا تَهَابُهُ وَلَا تَخَافُ مِنْهُ فَهَذِهِ لَا تَرْجِعُ، وَكَذَلِكَ الِابْنُ الْكَبِيرُ وَهُوَ فِي عِيَالِ أَبِيهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُخْدَعُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمِثْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَرْجِعُوا إذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي حَضَانَتِهِ يَخَافُ أَنْ يُقْصِيَهُ وَيَقْطَعَ مَعْرُوفَهُ عَنْهُ إنْ لَمْ يُجِزْ لَهُ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ تَقَصِّيًا لِمَسَرَّتِهِ وَاسْتِدَامَةً لِصَلَاحِ حَالِهِ مَعَهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْإِجَازَةَ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَلْزَمُ الْإِذْنُ مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ وَلَا مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَخَافُ أَنْ يُلْزِمَهُ بِهِ، أَوْ يَكُونُ سُلْطَانًا يُرْهِبُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَإِنْ سَأَلَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ أَنْ يَهَبُوا لَهُ مِيرَاثَهُ حِينَ تَحْضُرُهُ الْوَفَاةُ فَيَفْعَلُ، ثُمَّ لَا يَقْضِي فِيهِ الْهَالِكُ شَيْئًا فَإِنَّهُ رَدٌّ عَلَى مَنْ وَهَبَهُ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَمَّى لَهُ مَنْ يَهَبُهُ لَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ فَذَلِكَ لَهُ وَمَعْنَى مَا ذُكِرَ فِي الْمُوَطَّإِ أَنْ يَقُولَ لَهُ إنَّ فُلَانًا لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ ضَعِيفٌ وَأُحِبُّ أَنْ تَهَبَ لَهُ مِيرَاثَك فَيَفْعَلُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اسْتَوْجَبَ مِيرَاثَهُ دُونَ تَسْمِيَةٍ فَإِنَّمَا يَسْتَأْذِنُهُ فِي أَنْ يَصْرِفَهُ فِي وُجُوهٍ يُرِيدُهَا الْوَارِثُ، أَوْ غَيْرُهُ لَا لِيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فِيهِ فَإِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ وَلَمْ يُحْدِثْ فِيهِ حَدَثًا فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْفُذَ مَا اسْتَأْذَنَ فِيهِ فَيَرْجِعُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ لَهُ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَقَدْ بَيَّنَ الْوَجْهَ الَّذِي سَأَلَهُ إنْفَاذَهُ فِيهِ وَقَدْ وُجِدَ الْإِنْفَاذُ مِنْ الْوَارِثِ الْوَاهِبِ وَلَوْ قَالَ أَعْطِنِيهِ أُوصِي بِهِ لِفُلَانٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ لِوَارِثٍ آخَرَ فَإِنْ أَنْفَذَهُ مَضَى، وَإِنْ لَمْ يُنَفِّذْهُ فَهُوَ رَدٌّ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَلَوْ وَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهُ فَأَنْفَذَ الْهَالِكُ بَعْضَهُ وَبَقِيَ لَهُ بَعْضٌ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْوَاهِبِ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ بِبَعْضِ مَا وَهَبَهُ إيَّاهُ مِنْ مِيرَاثِهِ وَيَبْقَى بَعْضُهُ لَا يُوصِي فِيهِ بِشَيْءٍ فَإِنَّ مَا أَبْقَاهُ دُونَ وَصِيَّةٍ رَاجِعٌ إلَى الْوَارِثِ الْوَاهِبِ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ إنَّ مَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ يُرِيدُ فِي مَرَضِهِ فَذَكَرَ فِي وَصِيَّتِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْطَى بَعْضَ وَرَثَتِهِ شَيْئًا لَمْ يَقْبِضْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِمَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَا قَالَ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ ذَكَرَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ فَتَبْطُلُ بِمَرَضِ الْمُوصِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِهِ فِي حَالٍ حُكْمِ الْعَطِيَّةِ فِيهَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ فَبِأَيِّ الْحَالَتَيْنِ اعْتَبَرْت إقْرَارَهُ بَطَلَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَشْهَدَ فِي مَرَضِهِ فِي جَارِيَةٍ لَهُ أَنِّي كُنْت أَعْتَقْتهَا فِي الصِّحَّةِ وَتَزَوَّجْتهَا وَأُشْهِدُكُمْ أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَا تُعْتَقُ بِذَلِكَ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا مِيرَاثَ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ الْعِتْقِ، ثُمَّ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ يَقُولَ فِي مَرَضِهِ أَمْضُوا عِتْقَهَا.

[مَا جَاءَ فِي الْمُؤَنَّثِ مِنْ الرِّجَالِ وَمَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ وَفِيهِ بَابَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>