للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ بَيْنَهُمْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ» قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سَأَلَ عَنْ الشُّفْعَةِ هَلْ فِيهَا مِنْ سُنَّةٍ فَقَالَ نَعَمْ الشُّفْعَةُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَلَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ.

مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلَ ذَلِكَ)

ــ

[المنتقى]

لِأَنَّهُ هُوَ الْحَائِزُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ عَلَى ضَرْبَيْنِ عَيْنٌ وَغَيْرُ عَيْنٍ فَأَمَّا غَيْرُ الْعَيْنِ فَمَا كَانَ يُحَازُ وَلَا يَنْتَفِعُ الْأَبُ بِهِ حَالَ الْحِيَازَةِ وَبَعْدَهَا كَالْجَنَّةِ يَسْتَغِلُّهَا، أَوْ الرَّبْعِ يُكْرِيهِ، أَوْ السِّلْعَةِ يُمْسِكُهَا لَهُ أَوْ يَبِيعُهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ حِيَازَةُ الْأَبِ إيَّاهَا لِابْنِهِ وَمَا كَانَ الْأَبُ يَنْتَفِعُ بِهِ كَالدَّارِ يَسْكُنُهَا أَوْ الثَّوْبُ يَلْبَسُهُ فَلَا تَصِحُّ حِيَازَةُ الْأَبِ لَهُ مَعَ اسْتِدَامَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ انْتِفَاعَهُ بِهِ كَسُكْنَى الدَّارِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ يُنَافِي حِيَازَةَ الِابْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِيمَنْ وَهَبَ مُعَيَّنًا فَأَمَّا إذَا وَهَبَ جُزْءًا مُشَاعًا فَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي جَوَازِ حِيَازَةِ الْأَبِ لِابْنِهِ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَائِزٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ وَقَالَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْعَيْنِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا صَحَّتْ هِبَتُهُ صَحَّتْ حِيَازَتُهُ كَالْعَيْنِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ رَهْنَ الْمُشَاعِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تَصِحُّ فِيهَا مَعَ بَقَاءِ سَائِرِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَكَذَلِكَ فِي الْهِبَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْعَيْنُ فَاخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ احْتِيَازِ الْأَبِ إيَّاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ وَهَذَا حُكْمُ الْأَبِ فِي الِاحْتِيَازِ وَأَمَّا الْأُمُّ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِيهَا فَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ أَنَّهَا لَا تَحُوزُ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ مَا وَهَبَتْهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ تَحُوزُ الْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّةُ إذَا كَانَ صَغِيرًا فِي حِجْرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْيَتِيمِ وَلَا الْمُبَارَأَةُ عَنْهُ وَالتَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحُوزَ مَا وَهَبَهُ لَهُ كَالْأَخِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ عَلَيْهِ وَحَضَانَةٌ فَإِنَّهُ يَحُوزُ مَا وَهَبَهُ لَهُ كَالْأَبِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ نَحَلَ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا وَحَازَهُ لَهُ وَأَشْهَدَ بِهِ أَنَّهُ حَائِزٌ لِلِابْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي جَمِيعِ مَا يَنْحَلُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ كُلَّ نَحْلٍ مِنْ عَرَضٍ، أَوْ عَيْنٍ قَدْ خَتَمَ عَلَيْهِ الْأَبُ وَأَشْهَدَ فَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعَرَضَ خَاصَّةً فَيَجُوزُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَيُحْتَمَلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنْ يُرِيدَ الْعَرَضَ وَالْعَيْنَ مَخْتُومًا، أَوْ غَيْرَ مَخْتُومٍ فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْمَخْتُومِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ نَحَلَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ ذَهَبًا، أَوْ وَرِقًا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلِابْنِ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَزَلَهَا بِعَيْنِهَا، أَوْ دَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ فَيَجُوزُ فَأَمَّا وَضْعُهَا عِنْدَ غَيْرِهِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَأَمَّا عَزْلُهَا فَهُوَ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي شَيْءٍ وَيَخْتِمَ عَلَيْهَا وَيُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِيهِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا.

[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

[مَا تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]

أَصْلُ الشُّفْعَةِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إذَا بَاعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَنْزِلًا، أَوْ حَائِطًا أَتَاهُ الْجَارُ أَوْ الشَّرِيكُ فَيَشْفَعُ إلَيْهِ فِيمَا بَاعَ فَشَفَّعَهُ وَجَعَلَهُ أَوْلَى مِمَّنْ بَعُدَ سَبَبُهُ فَسُمِّيَتْ شُفْعَةٌ وَطَالِبُهَا شَفِيعًا.

(ش) : قَوْلُهُ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الشُّفْعَةِ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُقْسَمُ وَأَمَّا مَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الْقِسْمَةُ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>