للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَمِيرَاثَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ وَمِيرَاثَ الْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ وَوَرِثَتْ الْجَدَّةُ بِاَلَّذِي جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مَنْ أَعْتَقَتْ هِيَ نَفْسُهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] .

(مِيرَاثُ أَهْلِ الْمِلَلِ) (ص) : (يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» ) .

ــ

[المنتقى]

[مَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُ]

(ش) : وَعَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَأَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا يُوَرِّثُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ الرِّجَالِ وَهُوَ ابْنُ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْجَدُّ أَبُو الْأُمِّ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْخَالُ فَإِنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ فَرْضٍ فَيَحْجُبُونَ الْعَصَبَةَ وَلَا أَهْلَ تَعْصِيبٍ وَمِنْ النِّسَاءِ الْجَدَّةُ أُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَابْنَةُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَرِثُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَنْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وَثَبَتَتْ السُّنَّةُ بِمِيرَاثِهِ وَهِيَ سَبْعَةٌ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُنَّ وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مِيرَاثِ جَمِيعِهِنَّ وَالْجَدَّةُ ثَبَتَ تَوْرِيثُهَا بِالسُّنَّةِ وَهَذَا مِيرَاثُ النَّسَبِ وَأَمَّا مِيرَاثُ الْوَلَاءِ فَتَرِثُ الْمَرْأَةُ مَنْ أَعْتَقَتْ، أَوْ أَعْتَقَهُ مَنْ أَعْتَقَتْ قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] وَالِاسْتِدْلَالُ مِنْ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يَثْبُتَ الْمِيرَاثُ بِالْوَلَاءِ وَأَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ يَقَعُ تَحْتَهُ الْمُؤَنَّثُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ فَحِينَئِذٍ تَتَنَاوَلُ الْآيَةُ مِيرَاثَ الْمَرْأَةِ لِمَنْ كَانَ مَوْلًى لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مِيرَاثُ أَهْلِ الْمِلَلِ]

(ش) : مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ يَعْنِي مِيرَاثَ الْمُسْلِمِ مَا لَا يُخَلِّفُهُ كَافِرٌ مِمَّنْ كَانَ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا مِنْ أَبٍ، أَوْ ابْنٍ، أَوْ أَخٍ أَوْ غَيْرِهِمْ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ تَعَلُّقًا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْتَهَى إلَى قَوْلِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِكَوْنِهِمَا أَهْلَ مِلَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَإِذَا كَانَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَبِأَنْ لَا يَرِثَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ أَوْلَى.

وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ وَمُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِمْ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ وَمَالُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ فِيمَنْ صَرَّحَ بِالْكُفْرِ وَأَعْلَنَ بِهِ فَلَوْ ارْتَدَّ رَجُلٌ فَوَقَفَ لِلْقَتْلِ وَلَهُ ابْنَانِ وَأَبٌ فَمَاتَ أَحَدُ ابْنَيْهِ وَرِثَهُ أَخُوهُ وَجَدُّهُ بِنِصْفَيْنِ وَلَا مِيرَاثَ لِأَبِيهِ الْمُرْتَدِّ وَإِنْ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ الْمُرْتَدُّ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْمَوْتِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَحْوَالِ وَهَذَا فِي حَالِ مَوْتِ ابْنِهِ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الزِّنْدِيقُ وَهُوَ الَّذِي يُظْهَرُ مِنْهُ عَلَى كُفْرٍ يُسِرُّهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ فَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَقَالَ مَالِكٌ يُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِيمَانُ إذَا أَسَرَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ وَيُرَاجِعَ الْإِيمَانَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالثَّانِي مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.

وَقَدْ تَعَلَّقَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ - فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ} [غافر: ٨٤ - ٨٥] وَقَالُوا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ إنَّ الْبَأْسَ فِي الْآيَةِ السَّيْفُ فَإِذَا قُلْنَا بِذَلِكَ فَهَلْ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَرِثُهُ فَمُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وَمُقْتَضَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ يُقْتَلُ بِالْكُفْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ قَالَ فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنْ الشِّعْبِ) .

(ش) : قَوْلُهُ إنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ يُرِيدُ أَنَّهُمَا انْفَرَدَا بِمِيرَاثِهِ دُونَ عَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا وَجَعْفَرًا تَقَدَّمَ إسْلَامُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ وَبَقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>