للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرَةٍ دُبِّرَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهَا بِحَمْلِهَا أَنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا قَالَ مَالِكٌ فَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ فَالْوَلِيدَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِمَنْ ابْتَاعَهَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا فِي بَطْنِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَا يَدْرِي أَيَصِلُ ذَلِكَ إلَيْهِ أَمْ لَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ قَالَ وَلَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جَارِيَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهِ وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهِ قَالَ مَالِكٌ فَإِذَا أَعْتَقَ هُوَ فَإِنَّمَا أُمُّ وَلَدِهِ مَالٌ مِنْ مَالِهِ يُسَلَّمُ إلَيْهِ إذَا أَعْتَقَ) .

ــ

[المنتقى]

أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ مَا تَلِدُ رَقِيقٌ مَضَى التَّدْبِيرُ وَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ الْعِتْقَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا مُتَرَقَّبًا بَطَلَ الشَّرْطُ وَنَفَذَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ مَا تَكْسِبُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِي يَصِحُّ الْعِتْقُ وَنَفَذَ وَبَطَلَ الشَّرْطُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَنْ دَبَّرَ أَمَةً وَهِيَ حَامِلٌ فَالتَّدْبِيرُ يَتَنَاوَلُ مَا فِي بَطْنِهَا فَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي التَّدْبِيرِ حُكْمَهَا وَهَكَذَا قَالَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ.

وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهَا لَكَانَ ذَلِكَ عِتْقًا لِمَا فِي بَطْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ وَالْوَلَدُ بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ عُقُودِ التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَكَذَلِكَ التَّدْبِيرُ وَالْعِتْقُ وَهُمَا بِذَلِكَ أَوْلَى لِمَا قَدَّمْنَاهُ.

(ش) : وَهُوَ عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَالْمُكَاتَبَ مَنْ ابْتَاعَ مِنْهُمَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَإِنَّ الْوَلَدَ بِمَنْزِلَتِهِ يَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَيَرِقُّ بِرِقِّهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ حَدَثَ عَنْ مِلْكِ يَمِينٍ يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ أَصْلُ ذَلِكَ الْحُرُّ يَسْتَوْلِدُ أَمَتَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا وَضَعَتْهُ أُمُّهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ التَّدْبِيرِ وَمَا وَضَعَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ رَقِيقٌ، رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَمَا وَلَدَتْهُ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ كَأُمِّهِ طَالَ ذَلِكَ أَوْ قَصُرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا فِي بَطْنِ الْمُدَبَّرَةِ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهَا وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْبَيْعِ دُونَهَا وَلَا تُفْرَدُ بِالْبَيْعِ دُونَهُ وَمَا فِي بَطْنِ أَمَةِ الْمُدَبِّرِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُفْرَدَ بِالْبَيْعِ دُونَهُ وَيُفْرَدَ الْمُدَبَّرُ بِالْبَيْعِ دُونَ الْحَمْلِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَتْبَعْهُ إلَّا إذَا حَدَثَ بَعْدَ عَقْدِ التَّدْبِير وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِذَا عَتَقَ هُوَ فَإِنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ مَالٌ مِنْ مَالِهِ تُسَلَّمُ إلَيْهِ إذَا أُعْتِقَ.

[جَامِعُ مَا جَاءَ فِي التَّدْبِيرِ] ١

ِ الْمُدَبَّرُ مِنْ الْعَبِيدِ مَأْخُوذٌ مِنْ الدُّبُرِ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ وَالْمَمَاتُ دُبُرُ الْحَيَاةِ وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ لِلْمُعْتَقِ عَنْ دُبُرٍ أَيِّ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا اللَّفْظُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا فِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ دُونَ سَائِرِ مَا يُمْلَكُ كَمَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ الْعِتْقُ إلَّا فِيهِمْ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ قَالَ لِسَيِّدِهِ عَجِّلْ لِي الْعِتْقَ وَأُعْطِيك خَمْسِينَ مِنْهَا مُنَجَّمَةً عَلَيَّ فَقَالَ سَيِّدُهُ نَعَمْ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك خَمْسُونَ دِينَارًا تُؤَدِّي إلَيَّ كُلَّ عَامٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ ثُمَّ هَلَكَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ مَالِكٌ يَثْبُتُ لَهُ الْعِتْقُ وَصَارَتْ الْخَمْسُونَ دِينَارًا دَيْنًا عَلَيْهِ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ وَتَثْبُتُ حُرْمَتُهُ وَمِيرَاثُهُ وَحُدُودُهُ وَلَا يَضَعُ عَنْهُ مَوْتُ سَيِّدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ) .

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُقَاطِعَ مُدَبَّرَهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ وَيُعَجِّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>