للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» )

ــ

[المنتقى]

فَقَالَتْ وَطِئَ زَوْجِي جَارِيَتِي فَسَأَلَهُ فَاعْتَرَفَ وَقَالَ بَاعَتْهَا مِنِّي فَقَالَ عُمَرُ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا رَجَمْتُك فَاعْتَرَفَتْ زَوْجَتُهُ بِالْبَيْعِ فَتَرَكَهُ فَهَذَا يَدُلُّك فِيمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً وَادَّعَى شِرَاءَهَا، وَأَقَرَّ سَيِّدُهَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَمَادَى عَلَى إنْكَارِهِ وَحَلَفَ حُدَّ الْوَاطِئُ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَقَرَّتْ زَوْجَتُهُ أَوْ تَمَادَتْ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ تَمَادَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ قَدْ رَجَعَتْ إلَى الْإِقْرَارِ، وَلَوْ تَمَادَتْ عَلَى الْإِنْكَارِ لَحُدَّ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي الرَّجُلِ الَّذِي خَرَجَ فِي سَفَرِهِ بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ فَرَدَّهَا قَدْ حَمَلَتْ فَأَرَادَ عُمَرُ رَجْمَهُ حِينَ رَفَعَتْ ذَلِكَ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا وَهَبَتْهَا لَهُ أَسْقَطَ عَنْهُ الْحَدَّ أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ الْيَوْمَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا فَرْجَهُ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ غَابَتْ عَنَّا لَا نَدْرِي مَنْ هِيَ فَقَالَ هُوَ كَانَتْ أَمَتِي، وَقَدْ بَاعَهَا وَهُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ غَيْرُ ذِي أَمَةٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُصَدَّقُ، وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ، وَلَوْ أَخَذَتْهُ مَعَهَا كَلَّفْته الْبَيِّنَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ طَارِئًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى فِي رَجُلٍ وَطِئَ أَمَةَ رَجُلٍ، فَلَمَّا أُخِذَ مَعَهَا وَرَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ فَإِنْ قَالَ: قَدْ كَانَتْ وَهَبَتْهَا لِي وَصَدَّقَهَا صَاحِبُهَا، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِمَا أَنَّهُ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مِثْلَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَقَرَّتْ أَنَّهَا وَهَبَتْهَا لَهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ أَنَّهَا لَمَّا اعْتَرَفَتْ حَدَّهَا اُنْظُرْ مَا مَعْنَى ذَلِكَ، وَكَيْفَ تَكُونُ قَاذِفَةً وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ؟ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ قَاذِفَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ عِنْدَهُ ذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ إنْ صَدَقْت رَجَمْنَاهُ وَإِنْ كَذَبْتُ جَلَدْنَاك، فَقَالَتْ رُدُّونِي إلَى أَهْلِي غَيْرِي غَيْرِي.

وَقَالَ عَلِيٌّ مَنْ أَتَى جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ رَجَمْته، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى لَا حَدَّ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هِبَتُهَا لَهُ الْجَارِيَةَ أَنْ تَكُونَ وَهَبَتْهُ رَقَبَتَهَا، وَظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا فَلَمَّا وَطِئَهَا غَارَتْ وَأَرَادَتْ إنْكَارَ الْهِبَةِ، ثُمَّ ذَهَبَتْ إلَى الْإِقْرَارِ إمَّا تَحَرُّجًا مِنْ سَفْكِ دَمِهِ أَوْ إشْفَاقًا مِنْ رَجْمِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِبَتُهَا إبَاحَةَ الْوَطْءِ فَلَمَّا حَمَلَتْ أَرَادَتْ الْقِيَامَ فِي حَقِّهَا، فَلَمَّا سُئِلَتْ عَنْ الْهِبَةِ أَقَرَّتْ بِهَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يُرِيدُ قَطَعَ مَنْ سَرَقَ مِجَنًّا ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: ٣٨] .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» يَتَضَمَّنُ الْقَطْعَ فِي الْعُرُوضِ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا، فَقَالَ مَالِكٌ: يُقْطَعُ فِي جَمِيعِ الْمَنْقُولَاتِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا وَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا كَانَ أَصْلُهَا مُبَاحًا كَالْمَاءِ وَالصَّيْدِ وَالتُّرَابِ وَالْحَشِيشِ، أَوْ مَحْظُورًا كَالثِّيَابِ وَالْعَقَارِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: ٣٨] ، وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ نَوْعُ مَالٍ يُتَمَوَّلُ مُعْتَادًا كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ، وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ سَرَقَ زَيْتًا وَقَعَ فِيهِ فَأْرَةٌ فَمَاتَتْ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ يُقْطَعُ إذَا كَانَ يُسَاوِي لَوْ بِيعَ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ.

١ -

وَمَنْ سَرَقَ جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ لَمْ يُقْطَعْ، وَأَمَّا الْمَدْبُوغُ

<<  <  ج: ص:  >  >>