للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِيَّاكُمْ وَالْبِغْضَةَ فَإِنَّهَا هِيَ الْحَالِقَةُ) .

مَا جَاءَ فِي الْحَيَاءِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ سَلَمَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ يَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ» مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ» ) .

ــ

[المنتقى]

رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلْعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلْعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمُهُ كَسَرْته وَإِنْ تَرَكْته لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» .

(ش) : قَوْلُ سَعِيدٍ إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ صَلَاحُ الْحَالِ الَّذِي بَيْنَ النَّاسِ فَذَكَرَ أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ النَّوَافِلَ فَيَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ إكْثَارِ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَهُوَ أَيْضًا رَاجِعٌ إلَى النَّافِلَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا أَنَّهَا خَيْرٌ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا بِمَا يُسْدِيهِ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ مَعَ مَا فِي إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُنَاصَحَةِ وَالتَّعَاوُنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ كَثْرَةَ الثَّوَابِ تَكُونُ بِاحْتِسَابِ الْأَذَى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِيَّاكُمْ وَالْبِغْضَةَ فَإِنَّهَا هِيَ الْحَالِقَةُ قَالَ الْأَخْفَشُ: أَصْلُ الْحَالِقَةِ مِنْ حَلَقَ الشَّعْرَ، وَإِذَا وَقَعَ الْفَسَادُ بَيْنَ قَوْمٍ مِنْ حَرْبٍ أَوْ تَبَاغُضٍ حَلَقَهُمْ عَنْ الْبِلَادِ أَيْ أَجْلَتْهُمْ وَفَرَّقَتْهُمْ حَتَّى يُخْلُوهَا، وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا لَا تُبْقِي شَيْئًا مِنْ الْحَسَنَاتِ حَتَّى يَذْهَبَ بِهَا كَمَا يَذْهَبُ الْحَلْقُ بِالشَّعْرِ مِنْ الرَّأْسِ حَتَّى يَتْرُكَهُ عَارِيًّا.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «بُعِثْت لِأُتَمِّمَ حُسْنَ الْأَخْلَاقِ» ) .

(ش) : يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بُعِثْت بِالْإِسْلَامِ لِأُتَمِّمَ شَرَائِعَهُ، وَحُسْنُ هَدْيِهِ وَزِيِّهِ وَسَمْتِهِ حُسْنُ الْأَخْلَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ وَإِنْ كَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ أَخْلَاقًا بِمَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الشَّرَائِعِ قَبْلَهُمْ، فَقَدْ كَانُوا أَضَلُّوا بِالْكُفْرِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْهَا وَمِنْهَا مَا خُصَّ بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَتِمُّ بِالْأَمْرَيْنِ مَحَاسِنُ الْأَخْلَاقِ.

وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ وَمَنْ تَخَلَّقَ بِأَوَامِرِ الْقُرْآنِ أَوْ نَوَاهِيهِ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ حُسْنِ الْأَخْلَاقِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ امْتِثَالَهُ إلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَكَيْفَ سَائِرُ مَا تَضَمَّنَهُ الْقُرْآنُ وَسُنَّةُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

[مَا جَاءَ فِي الْحَيَاءِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ» يُرِيدُ سَجِيَّةً شُرِعَتْ فِيهِ، وَخَصَّ أَهْلَ ذَلِكَ الدِّينِ بِهَا وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ أَعْمَالِهِمْ الَّتِي يُثَابُونَ عَلَيْهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ سَجِيَّةً تَشْمَلُ أَهْلَ ذَلِكَ الدِّينِ أَوْ أَكْثَرَهُمْ أَوْ تَشْمَلُ أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْهُمْ وَتَزِيدُ بِزِيَادَةِ الصَّلَاحِ، وَتَقِلُّ بِقِلَّتِهِ، وَإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ وَالْحَيَاءُ يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ أَوْ عَلَيْهِمَا، وَالْمُرَادُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْحَيَاءُ فِيمَا شُرِعَ الْحَيَاءُ فِيهِ فَأَمَّا حَيَاءٌ يُؤَدِّي إلَى تَرْكِ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ فَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ «، وَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» .

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ لَا يَتَعَلَّمُ مُسْتَحٍ وَلَا مُتَكَبِّرٍ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَرِدْ شَرْعٌ بِالْحَيَاءِ الْمَانِعِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِهِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>