للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : «قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ لِلْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ» ) .

(ص) : (قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَلَاحِفِ الْمُعَصْفَرَةِ فِي الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ وَفِي الْأَقْبِيَةِ قَالَ لَا أَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا حَرَامًا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ اللِّبَاسِ أَحَبُّ إلَيَّ) .

مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْخَزِّ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا كَسَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مِطْرَفَ خَزٍّ كَانَتْ عَائِشَةُ تَلْبَسُهُ)

ــ

[المنتقى]

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالزَّعْفَرَانِ اسْتِعْمَالَهُ فِي جَسَدِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالنِّسَاءِ، وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ غَالِبًا فِيمَا يَعُودُ إلَى ذَاتِ الْإِنْسَانِ كَالتَّعَاظُمِ وَالتَّعَاطُرِ وَالتَّزَيُّنِ فَيُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا فِيهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَطَعَنَهُ بِقَدَحٍ كَانَ مَعَهُ» ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ كَانَ يَلْبَسُ الثَّوْبَيْنِ الرِّدَاءَ وَالْإِزَارَ بِالزَّعْفَرَانِ، وَإِنِّي لَأَلْبَسُهُ وَأَسْتَحْسِنُهُ وَأَرَاهُ حَسَنًا وَلِلْأَشْيَاءِ وُجُوهٌ، وَأَمَّا السَّرَفُ فَلَا أُحِبُّهُ قَالَ مَالِكٌ وَرَأَيْت ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَلْبَسُ الْمَلْبَسَ بِالزَّعْفَرَانِ وَرَأَيْت ابْنَ هُرْمُزَ يَلْبَسُ الثَّوْبَيْنِ بِالزَّعْفَرَانِ.

(ش) : قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ يُرِيدُ خَاتَمًا أَوْ غَيْرَهُ وَعَلَّقَ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ بِالْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ، وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدَهُمَا أَنْ يَكْرَهَ ذَلِكَ لِمَنْ يُلْبِسُهُمْ إيَّاهُ أَوْ يَتْرُكُ مَنْعَهُمْ مِنْهُ مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَنْ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ حَدَّ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُكَلَّفِينَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُكْرَهَ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ وَمَنْهِيُّونَ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهِيَةِ، وَلِذَلِكَ يُعَاقَبُونَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأَفْعَالِ وَبِذَلِكَ قَالَ وَأَنَا أَكْرَهُ ذَلِكَ لِلْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَتَعَلَّقُ بِهِمْ دُونَ أَوْلِيَائِهِمْ، وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ» ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ نَهْيَهُ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْعُمُومِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِهِ فِي الْمُضْمَرِ وَالْمُقَدَّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَهَى النَّاسَ عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ فَتَوَجَّهَ إلَى الْمُكَلَّفِينَ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ، وَتَوَجَّهَ إلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ ثُمَّ خَصَّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ النِّسَاءِ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ نَهْيَهُ تَوَجَّهَ إلَى الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الرِّجَالِ خَاصَّةً فَكَرِهَ ذَلِكَ لِلصِّبْيَانِ لَمَّا كَانُوا مِنْ جِنْسِهِمْ لِئَلَّا يَعْتَادُوا ذَلِكَ عِنْد التَّكْلِيفِ كَمَا يُؤْخَذُونَ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَيُضْرَبُونَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ لِئَلَّا يَعْتَادُوا تَرْكَهَا عِنْدَ التَّكْلِيفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْمَلَاحِفِ الْمُعَصْفَرَةِ فِي الْبُيُوتِ وَالْأَقْبِيَةِ لِلرِّجَالِ لَا أَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا حَرَامًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: دَخَلَ عَبَّادٌ الْبَصْرِيُّ عَلَى ابْنِ هُرْمُزَ فِي بَيْتِهِ فَرَأَى فِيهَا أَسِرَّةً ثَلَاثَةً عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ فُرُشٍ وَمُسَانِدُ وَمَجَالِسُ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا هَذَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ هُرْمُزَ لَيْسَ بِهَذَا بَأْسٌ، وَلَيْسَ الَّذِي يَقُولُ شَيْءٌ أَدْرَكْت النَّاسَ عَلَى هَذَا.

[مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْخَزِّ]

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَسَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مِطْرَفَ خَزٍّ يَقْتَضِي أَنَّهَا أَعْطَتْهُ إيَّاهُ لِيَلْبَسَهُ، وَلَوْ لَمْ تُرِدْ أَنْ يَلْبَسَهُ لَقَالَ أَعْطَتْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ فَأَمَّا لَفْظُ كَسَتْ فَإِنَّمَا يَقْتَضِي وَجْهَ اللِّبَاسِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُ وَالْخَزُّ بَزٌّ يُتَّخَذُ مِنْهُ الثِّيَابُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي إجَازَةِ لُبْسِهِ وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ تَابِعِيًّا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَكْسُو بَنِيهِ الْخَزَّ، وَأَمَّا كُلُّ ثَوْبٍ سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ وَبَرٌّ أَوْ قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ أَوْ صُوفٌ فَيُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>