للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا» .

مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ الْعَمَلِ فِي السَّفَرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ يَرْفَعُهُ قَالَ «إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَرْضَى بِهِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ فَإِذَا رَكِبْتُمْ هَذَا الدَّوَابَّ الْعُجْمَ فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ جَدْبَةً فَانْجُوَا عَلَيْهَا بِنِقْيِهَا وَعَلَيْكُمْ بِسَيْرِ اللَّيْلِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ مَا لَا تُطْوَى بِالنَّهَارِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْحَيَّاتِ»

ــ

[المنتقى]

فَأَمَّا مَا قَصَرَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْفَرِدَ الْوَاحِدُ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

وَهَذَا إذَا حَمَلْنَا قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاكِبُ وَالرَّاكِبَانِ عَلَى الْجِنْسِ، وَإِنْ حَمَلْنَا ذَلِكَ عَلَى الْعَهْدِ جَازَ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى وَاحِدٍ وَإِلَى اثْنَيْنِ وَصَفَهُمَا بِصِفَةِ الشَّيَاطِينِ وَأَشَارَ إلَى جَمَاعَةٍ نَفَى عَنْهُمْ هَذِهِ الصِّفَةَ وَوَصَفَهُمْ بِصِفَةِ الْإِنْسِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشَّيْطَانُ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ» يُحْتَمَلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ يَهُمُّ بِاغْتِيَالِهِمَا وَالتَّسَلُّطِ عَلَيْهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنْ يَهُمَّ بِالظُّهُورِ إلَيْهِمَا وَالتَّرْوِيعِ لَهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ يَهُمُّ بِفِتْنَتِهِمْ وَصَرْفِهِمْ عَنْ الْحَقِّ وَإِغْوَائِهِمْ بِالْبَاطِلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ الْمُنْفَرِدَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ فِي السَّفَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمُنْفَرِدَ بِالرَّأْيِ وَالْمَذْهَبِ وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ أَبْعَدُ مِنْ الْخَطَأِ مِنْ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا» .

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» بِمَعْنَى التَّغْلِيظِ يُرِيدُ أَنَّ مُخَالَفَةَ هَذَا لَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَيَخَافُ عُقُوبَتَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِتْنَةٌ وَانْفِرَادَهَا سَبَبٌ لِلْمَحْظُورِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَجِدُ السَّبِيلَ بِانْفِرَادِهَا فَيُغْرِي بِهَا وَيَدْعُو إلَيْهَا وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا تُسَافِرَ هَذِهِ الْمَسَافَةَ مَعَ إنْسَانٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا مَحْرَمٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنْ لَا تَنْفَرِدَ فِي مِثْلِ هَذَا السَّفَرِ دُونَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا وَيَجْرِي إلَى صِيَانَتِهَا لِمَا رُكِّبَ فِي طِبَاعِ أَكْثَرِ النَّاسِ مِنْ الْغَيْرَةِ عَلَى ذَوِي مَحَارِمِهِمْ وَالْحِمَايَةِ لَهُمْ، وَقَدْ رَخَّصَ مَالِكٌ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ فِي الرُّفْقَةِ الْعَظِيمَةِ يَكُونُ فِيهَا النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ إلَى الْحَجِّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ الْمُتَجَالَّةِ تَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ مَعَ غَيْرِ وَلِيٍّ إنْ كَانَتْ فِي جَمَاعَةٍ وَنَاسٍ مَأْمُونِينَ لَا تَخَافُهُمْ عَلَى نَفْسِهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ إنَّمَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ سَفَرُهَا فِي غَيْرِ الْفَرِيضَةِ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَرُوِيَ مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ، وَقَدْ تُعُلِّقَ بِهَذَا وَجُعِلَ حَدًّا فِي سَفَرِ الْقَصْرِ وَلَا يَمْنَعُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا اخْتِلَافٌ، وَلَوْ بَدَا فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَاقْتَضَى ذَلِكَ مَنْعَهُ فِي يَوْمَيْنِ وَفِي ثَلَاثَةٍ فَإِذَا وَرَدَ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُهُ فِي يَوْمَيْنِ وَفِي ثَلَاثَةٍ فَلَيْسَ بِخِلَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ بَلْ هِيَ تَأْكِيدٌ لَهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ الْعَمَلِ فِي السَّفَرِ]

(ش) : قَوْلُهُ «إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ» يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِيمَا يُحَاوِلُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ فَإِنَّ الرِّفْقَ عَوْنٌ عَلَى الْمُرَادِ وَلَا يَبْلُغُ حَدَّ الْعَجْزِ فَإِنَّهُ أَيْضًا مَانِعٌ مِنْ الْمُرَادِ وَخَيْرُ الْأَشْيَاءِ أَوْسَطُهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ «وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ» وَهُوَ الْإِفْرَاطُ.

وَقَدْ رُوِيَ «شَرُّ السَّيْرِ الْحَقْحَقَةُ إنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى» قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِسُرْعَةِ السَّيْرِ فِي الْحَجِّ عَلَى الدَّابَّةِ وَأَكْرَهُ الْمَهَامِيزَ وَلَا يُصْلِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>