للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَلَاةُ الْإِمَامِ وَهُوَ جَالِسٌ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى صَلَاةً مِنْ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» )

ــ

[المنتقى]

عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْتَدِيمُ نَقْصَ الْفَرَائِضِ وَالْفَضَائِلِ فَأَمَّا نَقْصُ الْفَرَائِضِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا نَقْصُ الْفَضَائِلِ فَلِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ الْجَمَاعَاتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا يَقْرَبُ مِنْ الْأُنُوثَةِ فَكَالْخَصِيِّ لَا يَكُونُ إمَامًا وَإِنَّمَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ عَنْهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَنَحَا بِهِ نَحْوَ التَّأْنِيثِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَعِيسَى بْنُ دِينَارٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الْخَصِيُّ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.

وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ حَالًا ظَاهِرًا فِي الْقُرْبِ مِنْ الْأُنُوثَةِ وَالْبَعْدِ عَنْ الذُّكُورَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ لِلْأُنُوثَةِ تَأْثِيرًا فِي مَنْعِ الْإِمَامَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْعِنِّينِ فَإِنَّ لَيْسَ مِمَّا يَقْرَبُ مِنْ الْأُنُوثَةِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي إنَّ قَطْعَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ لَا يَمْنَعُ اسْتِدَامَةَ الِائْتِمَامِ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا النَّقَائِصُ الَّتِي تُسْرِعُ إلَى أَصْحَابِهَا الْأَلْسِنَةَ وَتُكْثِرُ فِيهِمْ الْمَقَالَةَ فَكَوَلَدِ الزِّنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا كَانَ نَقْصًا فِي الْخِلْقَةِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنْ يَكُونَ الْعُضْوُ النَّاقِصُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَا وَلَا يَقْرَبُ مِنْ الْأُنُوثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِمَامَةِ وَلَا فَضِيلَتَهَا كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَإِنْ كَانَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقَ فَضِيلَةٍ كَالْيَدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا فَضِيلَةُ السُّجُودِ وَغَيْرِهَا فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِائْتِمَامِ بِهِ.

وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا أَرَى أَنْ يَؤُمَّ الْأَقْطَعُ وَإِنْ حَسُنَتْ حَالُهُ وَلَا الْأَشَلُّ إذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا نَقَصَ مِنْ خَلْقِهِ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْنَعُ الِائْتِمَامُ بِهِ كَالْعَمَى وَالصَّمَمِ.

[صَلَاةُ الْإِمَامِ وَهُوَ جَالِسٌ]

(ش) : قَوْلُهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ الْجَحْشُ مَعْنَاهُ الْخَدْشُ وَالتَّوَجُّعُ مِنْ السَّقْطَةِ وَنَحْوِهَا وَقَوْلُهُ فَصَلَّى صَلَاةً مِنْ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا قَوْلُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ يَحْتَمِلُ أَلْ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنْ تَكُونَ لِلْعَهْدِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ فَإِذَا قُلْنَا إنَّهَا لِلْعَهْدِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَرْجِعَ إلَى الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَرْجِعَ إلَى الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا بِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ لِلْجِنْسِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِمَعْنَى التَّأْكِيدِ يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَهُوَ قَاعِدٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ إنْ جَعَلْنَا الْأَلْفَ وَاللَّامَ فِي الصَّلَوَاتِ لِلْعَهْدِ رَاجِعًا إلَى الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى جَالِسًا فِي نَافِلَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ طَلَبًا لِلرِّفْقِ وَلِيَقْوَى عَلَى مَا يُرِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الطَّاعَاتِ فَتَكُونَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ رَاجِعَةً إلَى غَيْرِ الْمَفْرُوضَاتِ مِنْ الصَّلَوَاتِ أَوْ الْجِنْسِ فَأَمَّا الْفَرِيضَةُ فَلَا يَخْلُو إذَا صَلَّى الْإِمَامُ جَالِسًا لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ أَنْ يَكُونَ مَنْ وَرَاءَهُ مِثْلَهُ عَاجِزِينَ عَنْ الْقِيَامِ أَوْ قَادِرِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانُوا عَاجِزِينَ عَنْ الْقِيَامِ فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُنَا فَرَوَى مُوسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ فِي الْفَرِيضَةِ لِأَنَّ حَالَهُمْ قَدْ اسْتَوَتْ كَمَا لَوْ أَضَافُوا الْقِيَامَ وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَرَوَى سَحْنُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَؤُمُّهُمْ لِأَنَّ هَذَا عَاجِزٌ عَنْ الْقِيَامِ فَلَا يَؤُمُّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا مَنْ يَعْجَزُ عَنْهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى الِاضْطِجَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَؤُمُّ مَنْ سَاوَاهُ فِيهِ وَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَؤُمُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>