للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الرُّخْصَةُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ) (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إذَا قَعَدْت عَلَى حَاجَتِكَ فَلَا تَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ «عَبْدُ اللَّهُ لَقَدْ ارْتَقَيْت عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ» ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكَ مِنْ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ قَالَ قُلْت لَا أَدْرِي وَاَللَّهِ قَالَ مَالِكٌ يَعْنِي الَّذِي يَسْجُدُ وَلَا يَرْتَفِعُ عَنْ الْأَرْضِ يَسْجُدُ وَهُوَ لَاصِقٌ بِالْأَرْضِ)

ــ

[المنتقى]

يُشِيرُونَ لَهُ بِغَائِطٍ وَلَا غَيْرِهِ وَكَانَ الرَّجُلُ يُوَلِّي الرَّجُلَ ظَهْرَهُ لِأَنَّ الرَّجِيعَ يَحْتَاجُ لَهُ مِنْ التَّكَشُّفِ إلَى مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْبَوْلُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْغَائِطَ أَوْ الْبَوْلَ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي فِي أَيِّ اللَّفْظَيْنِ قَالَ الْمُحَدِّثُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا بِفَرْجِهِ حَمَلَ أَبُو أَيُّوبَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ وَكَانَ يَمْنَعُ مِنْهُ فِي الصَّحَارِي وَالْبُيُوتِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي دُونَ الْمَبَانِي وَذَهَبَ دَاوُد إلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ فِيهِمَا وَالدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ دَاوُد الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْمَبَانِي قَوْلُ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَقَدْ ارْتَقَيْت عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ» .

[الرُّخْصَةُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يَقُولُ إنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إذَا قَعَدْت عَلَى حَاجَتِك فَلَا تَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنْكَرَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَ مَنْ يَحْمِلُهُ عَلَى عُمُومِهِ وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّحَارِي دُونَ الْبُنْيَانِ وَبِذَلِكَ أَوْرَدَ الْحُجَّةَ فِي إبَاحَتِهِ فَقَالَ لَقَدْ رَقِيت عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ارْتَقَى مِنْ ظَهْرِ بَيْتِهِ مَوْضِعًا يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَلَاءٍ وَلَا يَجُوزُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الِاطِّلَاعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ فِي دَارٍ عَهِدَهَا ابْنُ عُمَرَ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فَدَخَلَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى هَذِهِ الْحَالِ.

وَقَدْ رَوَى فِي الْمَبْسُوطِ نَافِعٌ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَخْدَعِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ» فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَقْصِدْ النَّظَرَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تِلْكَ الْحَالِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ مُسْتَقْبِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ وَكَذَلِكَ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَذَكَرَ عُمَرُ الْمَنْعَ فِيهِمَا جَمِيعًا فَقَالَ إنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إذَا قَعَدْت عَلَى حَاجَتِك فَلَا تَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْبُنْيَانِ وَالصَّحَارِي لِأَنَّ الْبُنْيَانَ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَضِيقٍ لَيْسَ كُلُّ مَنْ بَنَى خَلَاءً يُمْكِنُ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَالصَّحَارِي مَوْضِعُ اتِّسَاعٍ وَتَمَكُّنٍ وَيُمْكِنُهُ فِي الْأَغْلَبِ أَنْ يَنْحَرِفَ فِي جُلُوسِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ.

١ -

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِي الْوَطْءِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ فَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إبَاحَتَهُ وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ كَرَاهِيَتَهُ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُجَامِعُ الرَّجُلُ إلَى الْقِبْلَةِ فَقَالَ لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى بِالْمَرَاحِيضِ بَأْسًا فِي الْمُدُنِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَوَابَهُ إنَّمَا كَانَ فِي الْبُنْيَانِ، وَأَمَّا فِي الصَّحَارِيِ فَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>