للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» ) .

ــ

[المنتقى]

الْوَقْتِ لِأَنَّهُ يَرْجُو أَنْ يَجِدَ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ فَأَمَّا الْمَدِينَةُ فَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ الِاجْتِهَادُ فِيهَا إلَى قِبْلَةٍ تُخَالِفُ قِبْلَةَ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّبَ قِبْلَتَهَا وَهَذَا نَصٌّ مِنْهُ عَلَيْهَا وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُوَ الَّذِي أَقَامَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبْلَةَ مَسْجِدِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إذَا تَوَجَّهَ قِبَلَ الْبَيْتِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا اجْتِهَادُهُ فِي تَعْيِينِ سَمْتِ الْقِبْلَةِ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ دُونَ سَائِرِ الْجِهَاتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاخْتَلَفَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِنَا هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي إصَابَةِ الْجِهَةِ أَوْ الْعَيْنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الِاجْتِهَادُ فِي إصَابَةِ الْجِهَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] وَالشَّطْرُ النَّحْوُ وَالْجِهَةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدِي أَظْهَرَ أَنَّ الْفَرْضَ الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الْعَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْنَا إصَابَتُهُ وَلَزِمَنَا إصَابَةُ جِهَتِهِ وَسَمْتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

(ش) : قَوْلُهُ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ يُرِيدُ أَنَّهَا أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ صَلَاةً فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَفْضُلُ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عِنْدَهُمْ عَلَى أَيِّ الْبَلَدَيْنِ أَفْضَلُ وَسَنُبَيِّنُ الْكَلَامَ فِيهِ فِي الْجَامِعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا الَّذِي يَقْتَضِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَكَّةَ خَارِجًا عَنْ أَحْكَامِ سَائِرِ الْمَوَاطِنِ فِي الْفَضِيلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْخَبَرِ وَلَا يَعْلَمُ حُكْمَ مَكَّةَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ فَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِي مَكَّةَ أَفْضَلَ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِي الْمَدِينَةِ أَفْضَلَ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَسَاوَيَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

سُئِلَ مُطَرِّفٌ عَنْ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ هَلْ هِيَ فِي النَّافِلَةِ أَيْضًا قَالَ نَعَمْ رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونَ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ وَقَالَ لِي عُمَرُ حَدَّثَهُ جُمُعَةٌ خَيْرٌ مِنْ جُمُعَةٍ وَرَمَضَانُ خَيْرٌ مِنْ رَمَضَانَ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عِبَادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» ) (ش) : قَوْلُهُ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي بَيْنَ مِنْبَرِهِ وَبَيْتِهِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ إلَى الْجَنَّةِ فَيَكُونَ مِنْ رِيَاضِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ مُلَازَمَةَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَالتَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ يُؤَدِّي إلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ كَمَا يُقَالُ الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اتِّبَاعَ مَا يُتْلَى فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ يُؤَدِّي إلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَلَا يَكُونُ فِيهَا لِلْبُقْعَةِ فَضِيلَةٌ إلَّا لِمَعْنَى اخْتِصَاصِ هَذِهِ الْمَعَانِي دُونَ غَيْرِهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مُلَازَمَتَهُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِالطَّاعَةِ وَالصَّلَاةِ يُؤَدِّي إلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ لِفَضِيلَةِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى سَائِرِ الْمَوَاضِعِ وَهَذَا أَبْيَنُ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>