للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا) .

الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضِرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا أَمَرَتْ أَنْ يُمَرَّ عَلَيْهَا بِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ مَاتَ لِتَدْعُوَ لَهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» )

ــ

[المنتقى]

صَلَّى طَارِقٌ الصُّبْحَ وَهَذَا قَبْلَ الْإِسْفَارِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُغَلِّسُ بِصَلَاتِهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَهْلِهَا إمَّا أَنْ تُصَلُّوا عَلَى جِنَازَتِكُمْ الْآنَ يُرِيدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلَ الْإِسْفَارِ وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكُوا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ فَتَجُوزَ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَيَخْرُجَ وَقْتُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَنْعِ عِنْدَهُ هُوَ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْفَارِ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَتَجُوزُ النَّوَافِلُ وَفِي هَذَا مَسْأَلَتَانِ:

أَحَدُهُمَا: جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا بَعْدَ الصُّبْحِ.

وَالثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِسْفَارِ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَنَّ هَذِهِ صَلَاةُ فَرْضٍ فَلَمْ يُمْنَعُ فِعْلُهَا قَبْلَ الْإِسْفَارِ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ.

وَوَجْهُ الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ فَتُصَلُّوا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا» .

فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّ الصَّلَوَاتِ فِي الْجُمْلَةِ مَمْنُوعَةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِعْلُ صَلَاةِ الْوَقْتِ فِيهَا خَوْفَ فَوَاتِ وَقْتِهَا، وَأَمَّا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يُخَافُ فَوَاتُ وَقْتِهَا وَلَوْ خِيفَ فَوَاتُ وَقْتِهَا بِالضَّرُورَةِ إلَى الدَّفْنِ خَوْفَ تَغَيُّرِهِ أَوْ غَيْرِهِ لَجَازَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ وَغَيْرَهُ خَوْفَ الْفَوَاتِ كَصَلَاةِ الصُّبْحِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا) .

(ش) : قَوْلُهُ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ يُرِيدُ بَعْدَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ وَقَوْلُهُ إذَا صُلِّيَتَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إذَا صُلِّيَتْ الصَّلَاتَانِ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ لِوَقْتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تُصَلَّى الصَّلَاتَانِ فِي آخِرِ وَقْتِهِمَا وَلَا يُصَلَّى بَعْدَهُمَا عَلَى الْجِنَازَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ إذَا صُلِّيَتَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهِمَا وَهُوَ تَكَلُّفٌ مِنْ التَّأْوِيلِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لِوَقْتِهِمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ لِوَقْتِ الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لَهُمَا فِي الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَفِي الصُّبْحِ إلَى الْإِسْفَارِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمُخْتَصَرِ يُصَلَّى عَلَيْهَا إلَّا عِنْدَمَا تَهُمُّ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ وَعِنْدَمَا تَهُمُّ أَنْ تَغْرُبَ وَيَصْفَرُّ أَثَرُهَا فِي الْأَرْضِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ هَذَا فِي الصُّبْحِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ لِلصُّبْحِ جَمِيعُ وَقْتِهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ لَهَا وَقْتَ ضَرُورَةٍ وَهُوَ مِنْ الْإِسْفَارِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ إذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا لِوَقْتِ صَلَاتَيْ الْجِنَازَتَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يَبْدَأُ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ وَذَلِكَ لِضِيقِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ أَوْ لِفَضِيلَةِ تَقَدُّمِهَا، وَأَمَّا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَلَيْسَ بَعْضُ الْأَوْقَاتِ أَخُصَّ بِهَا مِنْ بَعْضٍ فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إنْ وَجَدَ سَعَةً وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّهَا أَمَرَتْ أَنْ يُمَرَّ عَلَيْهَا بِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْجِدِ يُرِيدُ أَنَّ حُجْرَتَهَا كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ يُمَرَّ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِتَصِلَ هِيَ إلَى الدُّعَاءِ لَهُ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّ مُشَاهَدَتَهُ تَدْعُو إلَى الْإِشْفَاقِ عَلَيْهِ وَتَمْنَعُ تَأْخِيرَ الدُّعَاءِ لَهُ وَتَحُثُّ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَلِذَلِكَ يُسْعَى إلَى الْجَنَائِزِ وَلَا يَجْتَزِئُ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا وَالدُّعَاءَ لَهَا بِمَا يَأْتِي مِنْ ذَلِكَ فِي مَنْزِلِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَإِنَّمَا أَمَرَتْ عَائِشَةُ أَنْ يُمَرَّ عَلَى حُجْرَتِهَا بِهِ لِتَدْعُوَ لَهُ لِامْتِنَاعِهَا هِيَ وَسَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>