للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَيَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ) .

ــ

[المنتقى]

دُفِنَ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَهُ الْآنَ حُكْمُ الْمَقَابِرِ، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ إذَا كَانَ فِيهِ مَقْبَرَةٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى فِي مَوْضِعِ الْمَقَابِرِ مِنْهُ عَلَى الْمَيِّتِ.

[جَامِعُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يُصَلِّيَانِ عَلَيْهَا لِلْإِمَارَةِ وَأَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهَا إمَّا لِصَلَاحِهِ وَخَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَتْ لَهُ جِنَازَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَالْجِنَازَةُ يُصَلَّى عَلَيْهَا بِثَلَاثَةِ مَعَانٍ:

الْوِلَايَةُ وَهِيَ الْإِمَارَةُ.

وَالثَّانِي: الْوَلَاءُ وَالتَّعْصِيبُ.

وَالثَّالِثُ: التَّعْصِيبُ وَالدِّينُ فَإِذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، مِثْلُ أَنْ يَمُوتَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَكُونُ لَهُ وَلِيٌّ وَلَا يَحْضُرُ مَنْ يُشَارُ إلَيْهِ بِصَلَاحٍ وَيَحْضُرُ الْوَالِي فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ يَحْضُرُهَا الْوَالِي فَكَانَ أَحَقَّ بِالتَّقَدُّمِ عَلَيْهَا كَصَلَاةِ الْفَرْضِ، وَإِنْ حَضَرَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَالٍ وَلَا رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالصَّلَاحِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ مِنْ حُقُوقِ الْمَيِّتِ وَمِنْ حُقُوقِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِالْقِيَامِ بِهَا مِنْ الْأَجَانِبِ كَسَائِرِ أُمُورِهِ مِنْ مُوَارَاتِهِ.

وَكَذَلِكَ إنْ حَضَرَهُ رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالصَّلَاحِ وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَالٍ وَلَا وَلِيٌّ فَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ لِمَا يُرْجَى مِنْ بَرَكَةِ دُعَائِهِ وَفَضْلِهِ وَصَلَاتِهِ لِلْمَيِّتِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَتُهُمْ فِي جِنَازَةٍ فَأَحَقُّهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْوَالِي وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ شَهِدْت حُسَيْنًا حِينَ مَاتَ الْحَسَنُ وَهُوَ يَدْفَعُ فِي قَفَا سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ يَقُولُ تَقْدَمَ فَلَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْنَاك وَسَعِيدٌ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ سُنَّ لَهَا الْجَمَاعَةُ فَكَانَ الْوَالِي أَحَقَّ بِإِمَامَتِهَا كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ الْوَالِي الَّذِي يَسْتَحِقُّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَيَكُونُ أَوْلَى بِهَا مِنْ الْوَلِيِّ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ مَنْ إلَيْهِ الصَّلَاةُ مِنْ وَالٍ أَوْ قَاضٍ أَوْ صَاحِبِ شُرْطَةٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ إنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي تُؤَدَّى إلَيْهِ الطَّاعَةُ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلْقَاضِي وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَتْ إلَيْهِ الصَّلَاةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَالٍ فَأَحَقُّ النَّاسِ بِالتَّقْدِيمِ الْوَلِيُّ إذَا كَانَ مِمَّنْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ وَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِالتَّعْصِيبِ فَأَقْوَى عَصَبَتِهِ تَعْصِيبًا وَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ أَحَقُّهُمْ بِذَلِكَ كَالْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا اجْتَمَعَ جِنَازَتَانِ فَأَكْثَرُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلِيٌّ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إنَّ أَحَقَّهُمْ بِالصَّلَاةِ أَفْضَلُهُمْ، وَإِنْ كَانَ وَلِيَّ امْرَأَةٍ وَغَيْرُهُ وَلِيُّ رَجُلٍ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَحَقُّهُمْ وَلِيُّ الرَّجُلِ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا قَدْ تَشَارَكَا فِي الْوِلَايَةِ لِاسْتِحْقَاقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ بِسَبَبِ وَلِيِّهِ وَلِلْفَاضِلِ مَزِيَّةُ الْفَضْلِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ بِسَبَبِ وَلِيِّهِ الْمَيِّتِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَدَّمَ مَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ الرَّجُلِ كَمَا يُقَدَّمُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يُرِيدُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ الْجَنَائِزَ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهَا صَلَاةً وَاحِدَةً تُجْزِئُ عَنْ أَفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِصَلَاةٍ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ، وَتَرَادُفُ الْجَنَائِزِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَأْتِيَ جِنَازَةٌ بَعْدَ أَنْ يُشْرَعَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا فَهَذِهِ قَدْ فَاتَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيُتِمُّ الصَّلَاةَ عَلَى الْأُولَى، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ عَلَى الثَّانِيَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي:

<<  <  ج: ص:  >  >>