للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَقْتُ اسْتِدْرَاكِ فَضِيلَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَهَا صَلَاةٌ تُشَارِكُهَا فِي وَقْتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[بَابُ تَمْيِيزِ النَّجَاسَةِ]

ِ وَأَمَّا تَمْيِيزُ النَّجَاسَاتِ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَمْيِيزُ جِنْسِهَا.

وَالثَّانِي: تَمْيِيزُ الْكَثِيرِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْيَسِيرِ الْمُرَخَّصِ فِيهِ.

فَأَمَّا تَمْيِيزُ جِنْسِهَا فَإِنَّ أَبْوَالَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِتَحْرِيمِهِ مُحَرَّمَةٌ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِكَرَاهِيَتِهِ مَكْرُوهَةٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ مَسْحِهِ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَبْوَالَ وَالْأَرْوَاثَ تَابِعَةٌ لِأَجْنَاسِ اللُّحُومِ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ وَعَرَقُ الدَّوَابِّ كُلِّهَا طَاهِرٌ وَأَمَّا الْخَمْرُ وَالْمُسْكِرُ فَنَجِسٌ تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ كَمَا تُعَادُ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا تَبْيِينُ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ مِنْ كَثِيرِهَا فَتَحْقِيقُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَاتِ كُلِّهَا وَكَثِيرَهَا سَوَاءٌ إلَّا الدَّمَ فَإِنَّ قَلِيلَهُ مُخَالِفٌ لِكَثِيرِهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ قَلِيلُ النَّجَاسَاتِ كُلِّهَا وَكَثِيرُهَا سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ قَدْرُ الدِّرْهَمِ مِنْ النَّجَاسَاتِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَمَأْمُورٌ بِإِزَالَتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَفِيهِ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ نَجَاسَةٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا فَوَجَبَتْ إزَالَتُهَا كَالزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَالِاسْتِدْلَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ وَمُوجِبٌ لِغَسْلِ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ وَمُبِيحٌ لِتَرْكِ كَثِيرِهَا ذَلِكَ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ وَكَانَتْ مُتَرَاكِمَةً بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ بِحَيْثُ لَوْ بُسِطَتْ لَعَمَّتْ جَمِيعَ الثَّوْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا وَإِذَا كَانَتْ أَوْسَعَ مِنْ الدِّرْهَمِ وَلَمْ تَكُنْ مُتَرَاكِمَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهَا إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْأُولَى أَمَّا هُمْ فَاحْتَجَّ مَنْ نَصَّ قَوْلَهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ نَجَاسَةٌ لَا تُجَاوِزُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ فَلَمْ تَجِبْ إزَالَتُهَا كَأَثَرِ الْحَدَثِ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ بِمَوْضِعِ الْحَدَثِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي مَوْضِعِ الْحَدَثِ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ مِنْ الْمَرْأَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَقَدْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَا يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي مَوْضِعِ النَّجْوِ مُتَكَرِّرَةٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ وَلَا مَعَ وُجُودِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا عَادَ إلَى مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ مُتَكَرِّرًا تَكَرُّرًا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَوَجَبَ إزَالَتُهَا كَاَلَّذِي يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ هَذِهِ نَجَاسَةٌ فَلَمْ يَجِبْ إزَالَةُ يَسِيرِهَا كَالدَّمِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الدَّمَ مُتَكَرِّرٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ يَسِيرَهَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَوَجَبَ كَالْكَثِيرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الدَّمُ فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْ يَسِيرِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ غَسْلُ دَمِ الْبُرْغُوثِ الْوَاحِدِ مِنْ ثَوْبِهِ وَلَا مَا يَسِيلُ مِنْ الْبَثْرَةِ مِنْ جَسَدِهِ لِأَنَّهُ لَا تَخْلُو الْأَجْسَامُ وَالثِّيَابُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا قَلَّ مِنْ الدَّمِ أَوْ كَثُرَ يُغْسَلُ.

وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْيَسِيرَ جِدًّا لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ لَا يُغْسَلُ دَمُ الْبَرَاغِيثِ إلَّا أَنْ يَنْتَشِرَ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْيَسِيرَ جِدًّا لَيْسَ عَلَى الْمُكَلَّفِ غَسْلُهُ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الدِّمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ يَسِيرٌ جِدًّا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَضَرْبٌ أَكْثَرُ مِنْهُ يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ كَقَدْرِ الْأُنْمُلَةِ وَالدِّرْهَمِ وَضَرْبٌ ثَالِثٌ كَثِيرٌ جِدًّا يَجِبُ غَسْلُهُ وَيَمْنَعُ الصَّلَاةَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالدِّمَاءُ عِنْدَ مَالِكٍ كُلُّهَا سَوَاءٌ دَمُ الْحُوتِ وَغَيْرِهِ إلَّا دَمَ الْحَيْضَةِ فَعَنْهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ:

إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ كَسَائِرِ الدِّمَاءِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ سَوَاءٌ تَجِبُ إزَالَتُهُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ الدَّمُ كُلُّهُ وَاحِدٌ.

فَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ دَمٌ فَوَجَبَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>