للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِيَامُ الَّذِي يَقْتُلُ خَطَأً أَوْ يَتَظَاهَرُ (ص) : (سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي قَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ تَظَاهُرٍ فَعَرَضَ لَهُ مَرَضٌ يَغْلِبُهُ وَيَقْطَعُ عَلَيْهِ صِيَامَهُ أَنَّهُ إنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ وَهُوَ يَبْنِي عَلَى مَا قَدْ مَضَى مِنْ صِيَامِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا الصِّيَامُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً إذَا حَاضَتْ بَيْنَ ظُهْرَيْ صِيَامِهَا إنَّهَا إذَا طَهُرَتْ لَا تُؤَخِّرُ الصِّيَامَ وَهِيَ تَبْنِي عَلَى مَا قَدْ صَامَتْ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُفْطِرَ إلَّا مِنْ عِلَّةِ مَرَضٍ أَوْ حَيْضَةٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ) .

مَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ فِي صِيَامِهِ (ص) : (سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ الْأَمْرُ الَّذِي سَمِعْت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَصَابَهُ الْمَرَضُ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ الصِّيَامُ مَعَهُ وَيُتْعِبُهُ وَيَبْلُغُ ذَلِكَ مِنْهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ إذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ وَبَلَغَ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَبْدِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَا تَبْلُغُ صِفَتُهُ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى وَهُوَ جَالِسٌ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ وَقَدْ أَرْخَصَ اللَّهُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الصِّيَامِ مِنْ الْمَرِيضِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] فَأَرْخَصَ اللَّهُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ مِنْ الْمَرِيضِ فَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ) .

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ» تَأْكِيدٌ فِي الْمَنْعِ لَهُمْ مِنْهُ لَعَلَّهُ لِمَا كَانَ يَخَافُهُ مِنْ الضَّعْفِ عَلَيْهِمْ بِالْوِصَالِ عَمَّا كَانَ أَنْفَعَ مِنْهُ بِالْجِهَادِ وَالْقُوَّةِ عَلَى الْعَدُوِّ مَعَ حَاجَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَيْهِ فَلَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ وِصَالِهِ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ حَالَتَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ حَالَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يُطْعَمُ وَيُسْقَى (مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوِصَالُ وَيَصِحُّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُصَامُ زَمَنَ اللَّيْلِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ لِلنَّهَارِ فَأَمَّا أَنْ يُفْرَدَ بِالصَّوْمِ فَلَا يَجُوزُ.

[صِيَامُ الَّذِي يَقْتُلُ خَطَأً أَوْ يَتَظَاهَرُ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامٌ لِقَتْلِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِهِ أَوْ لِتَظَاهُرٍ مَعَ عَدَمِ الرَّقَبَةِ فَإِنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ مِنْ الصِّيَامِ شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٤] .

١ -

(فَصْلٌ) :

فَمَنْ شَرَعَ فِي صِيَامِ شَهْرَيْ التَّتَابُعِ فَعَرَضَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ حَيْضٌ أَمْسَكَ عَنْ الصَّوْمِ حَتَّى يُمْكِنَهُ فَيَصُومُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَّرَهُ لِلضَّرُورَةِ فَمَتَى أَخَّرَ بَعْدَ الْإِمْكَانِ بَطَلَ التَّتَابُعُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ صَوْمِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ صَوْمِهِ مِنْ أَوَّلِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ وَلَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ الْعُذْرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ كَالْحَيْضِ وَالْمَرَضِ وَيَجْرِي النِّسْيَانُ مَجْرَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِزَازُ مِنْهُ فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَصِلَ أَيَّامَ الْقَضَاءِ وَالْحَيْضِ بِصِيَامِهِ أَوْ غَلِطَ فِي الْعَدَدِ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَسْتَأْنِفُ صِيَامَ الشَّهْرَيْنِ، وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ فِي خَطَأِ الْعَدَدِ إنْ كَانَ هَذَا عَامِدًا بِخِلَافِ الْمُفْطِرِ نَاسِيًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ صَوْمِهِ وَيُجْزِئُهُ أَنْ يُصَلِّيَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِزَازُ مِنْهُ وَأَمَّا مَا يُلْحِقُ بِهِ الْمَشَقَّةَ وَيُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ كَالسَّفَرِ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ، وَإِنْ أَفْطَرَ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>