للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَيْفَ صَنَعْت يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنِ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اسْتَلَمْت وَتَرَكْت فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَبْت» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا قَالَ: وَكَانَ لَا يَدَعُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ إلَّا أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْهِ) .

تَقْبِيلُ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فِي الطَّوَافِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ لِلرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إنَّمَا أَنْتَ حَجَرٌ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُك مَا قَبَّلْتُك ثُمَّ قَبَّلَهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ إذَا رَفَعَ الَّذِي يَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَدَهُ عَنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى فِيهِ) .

ــ

[المنتقى]

اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الطَّهَارَةُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ إلَّا طَاهِرًا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الطَّوَافِ وَالطَّوَافُ مِنْ شَرْطِهِ الطَّهَارَةُ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَيْفَ صَنَعْت يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنِ؟» اخْتِبَارٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ لِيَعْلَمَ بِذَلِكَ مِقْدَارَ عِلْمِهِمْ وَحَمْلِهِمْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ عَلَى وَجْهِهَا وَإِنْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ وَكَّلَ الْأَمْرَ قَبْلَ ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِهِمْ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ لَهُمْ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اسْتَلَمْت وَتَرَكْت يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَلَمَ مَرَّةً وَتَرَكَ الِاسْتِلَامَ أُخْرَى وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ فِي الِاسْتِلَامِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ النُّسُكِ، وَإِنَّمَا اعْتَقَدَهُ مِنْ الْفَضَائِلِ الَّتِي يُؤْجَرُ مَنْ فَعَلَهَا وَلَا يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهَا مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّهَا مِنْ الْقُرَبِ، وَأَنَّهُ يُجْزِي فِعْلُهَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ بَعْضٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَبْت تَصْوِيبٌ لِفِعْلِهِ وَلِمَا رَآهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ مَنْ تَرَكَ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَنَّ اسْتِلَامَهُ أَفْضَلُ.

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا وَيَقُولُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَكَانَ: لَا يَدَعُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ إلَّا أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَاعَاتَهُ لَهُ كَانَتْ أَكْثَرَ وَمُحَافَظَتَهُ عَلَى اسْتِلَامِهِ كَانَتْ أَشَدَّ فَكَانَ لَا يَدَعُ اسْتِلَامًا إلَّا أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَكَ اسْتِلَامَ غَيْرِهِ مِنْ دُونِ أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ لَمَّا عَلِمَ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى اسْتِلَامِهِ وَمُخَالَفَةِ النَّاسِ لَهُ فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَقْبِيلُ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فِي الطَّوَافِ]

(ش) : قَوْلُ عُمَرَ إنَّمَا أَنْتَ حَجَرٌ يُرِيدُ أَنْ يَنْفِيَ عَنْهُ ظَنَّ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ تَعْظِيمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَجَرَ وَأُمَّتَهُ إنَّمَا كَانَ عَلَى حَسَبِ تَعْظِيمِ الْجَاهِلِيَّةِ الْأَوْثَانَ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهَا آلِهَةٌ وَأَنَّهَا تَضُرُّ وَتَنْفَعُ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ أَنَّ تَعْظِيمَهُ لِلْحَجَرِ إنَّمَا كَانَ لِتَعْظِيمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاعَةً لِلَّهِ وَإِفْرَادًا لَهُ بِالْعِبَادَةِ عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَنَا بِتَعْظِيمِ الْبَيْتِ وَعَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ عِبَادَةً لِلَّهِ لَا عَلَى أَنَّ آدَمَ مَعْبُودٌ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ فَقَالَ: إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّك حَجَرٌ يُرِيدُ مِنْ سَائِرِ أَجْنَاسِ الْحِجَارَةِ الَّتِي لَا تُقَبَّلُ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ لَأَعْلَمُ أَنَّك حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَوْلَا: أَنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُك مَا قَبَّلْتُك تَبْيِينٌ بِأَنَّ تَقْبِيلَهُ وَتَعْظِيمَهُ لَيْسَ لِذَاتِهِ وَلَا لِمَعْنًى فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَعَ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ وَتَقْبِيلَهُ لِمَنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَوَجَدَ إلَيْهِ سَبِيلًا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَقْبِيلِهِ إيَّاهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ تَقْبِيلَهُ لِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَلَمَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ إذَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ يُرِيدُ مَسْحَهُ لِلِاسْتِلَامِ بِيَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>