للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ إذَا اُضْطُرِرْت إلَى بَدَنَتِك فَارْكَبْهَا رُكُوبًا غَيْرَ فَادِحٍ وَإِذَا اُضْطُرِرْت إلَى لَبَنِهَا فَاشْرَبْ بَعْدَ مَا يُرْوَى فَصِيلُهَا فَإِذَا نَحَرْتهَا فَانْحَرْ فَصِيلَهَا مَعَهَا) .

الْعَمَلُ فِي الْهَدْيِ حِينَ يُسَاقُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنْ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ يُقَلِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ، وَذَلِكَ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ وَيُشْعِرُهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يُسَاقُ مَعَهُ حَتَّى يُوقَفَ بِهِ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ يَدْفَعُ بِهِ مَعَهُمْ إذَا دَفَعُوا فَإِذَا قَدِمَ مِنًى غَدَاةَ النَّحْرِ نَحَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، وَكَانَ هُوَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ بِيَدِهِ يَصُفُّهُنَّ قِيَامًا وَيُوَجِّهُهُنَّ إلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ

ــ

[المنتقى]

الْهَدْيَ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِيهِ عَنْ نِيَّتِهِ كَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ فِي أُمِّهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ نَتَجَتْ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَجَبَ إهْدَاؤُهُ مَعَ أُمِّهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَدْ لَزِمَ إخْرَاجُهُ عَلَى وَجْهِ الْهَدْيِ كَسَائِرِ أَعْضَاءِ الْبَدَنَةِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ عَجَزَ فَلَمْ يَحْمِلْهُ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ أَبَدًا حَتَّى يُوَصِّلَهُ لِأَقْرَبِ مَحَلٍّ لَهُ دُونَ الْبَيْتِ فَإِنْ بَاعَهُ أَوْ ذَبَحَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَدِّلَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا تُجْزِئُهُ بَقَرَةٌ إذَا لَمْ يَجِدْ بَدَنَةً.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ هَدْيُ فِدْيَةٍ فَكَانَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَنَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِمَّا يَجُوزُ فِي الْهَدَايَا إلَّا أَنَّ الْإِيجَابَ إنَّمَا تَنَاوَلَ الْأُمَّ وَهَذَا مِنْ أَبْعَاضِهَا وَإِنَّمَا صَارَ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي الْهَدْيِ كَسَائِرِ أَعْضَائِهَا الَّذِي لَا يُهْدَى مُنْفَرِدًا وَيُهْدَى مَعَ الْجُمْلَةِ.

(ش) : قَوْلُهُ إذَا اُضْطُرِرْت إلَى بَدَنَتِك فَارْكَبْهَا رُكُوبًا غَيْرَ فَادِحٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُضْطَرَّ إلَى بَدَنَتِهِ لَهُ رُكُوبُهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَفْدَحُهَا وَلَا يُضَيِّعُهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إذَا اُضْطُرِرْت إلَى لَبَنِهَا فَاشْرَبْ بَعْدَمَا يُرْوَى فَصِيلُهَا إبَاحَةٌ لِلشُّرْبِ إلَى لَبَنِهَا بَعْدَ رِيِّ فَصِيلِهَا) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ وَيُدْخِلَ عَلَيْهِ مِنْ شُرْبِ لَبَنِهِ مَا يُضْعِفُهُ بِشُرْبِ ذَلِكَ وَمَعْنَى بَعْدَ رِيِّ فَصِيلِهَا عِنْدِي بَعْدَ أَنْ يَتْرُكَ لِلْفَصِيلِ مَا لَا يَشُكُّ أَنْ يَكْفِيَهُ؛ لِأَنَّ الْفَصِيلَ إذَا رُوِيَ الْآنَ احْتَاجَ بَعْدَ سَاعَةٍ إلَى الشُّرْبِ وَالْمُعَاوَدَةِ فَلَا يَكُونُ مَعْنَى بَعْدَ رِيِّ فَصِيلِهَا أَنْ يَشْرَبَ بِإِثْرِ رِيِّ الْفَصِيلِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يَتْرُكَ لَهُ مِقْدَارَ رِيِّهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الشُّرْبِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الرُّكُوبِ مَخَافَةَ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى الْفَصِيلِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ ضَرَرًا لِشُرْبِهِ فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا بَعْدَ رِيِّ فَصِيلِهَا، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا تَكُونَ ضَرُورَةٌ فَيَعُودَ إلَى أَصْلِهِ فِي الْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ لَا تُنْقِصُ الْخِلْقَةَ كَالرُّكُوبِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ إذَا اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ جَازَ لَهُ شُرْبُهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِذَا نَحَرْتَهَا فَانْحَرْ فَصِيلَهَا مَعَهَا يُرِيدُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُهَا لَا سِيَّمَا إذَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ إيجَابِهَا كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ تَلِدُهُ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْعَمَلُ فِي الْهَدْيِ حِينَ يُسَاقُ]

(ش) : قَوْلُهُ إذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنْ الْمَدِينَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْهَدْيَ قَدْ يُسَاقُ مِنْ بَعِيدِ الشُّقَّةِ وَطُولِ الْمَسَافَةِ إذَا كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ، وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ أَضْعَفُ عَنْ ذَلِكَ فَلَا تُهْدَى إلَّا مِنْ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَسْلَمُ فِيهَا مِثْلُهَا.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ وَالْعُتْبِيُّ عَنْ مَالِكٍ لَا تُسَاقُ الْغَنَمُ إلَّا مِنْ عَرَفَةَ وَمَا قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا؛ لِأَنَّهَا تَضْعُفُ عَنْ قَطْعِ طَوِيلِ الْمَسَافَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَصْحِبُهُ فِي الْمَدِينَةِ فَإِذَا كَانَ بِ ذِي الْحُلَيْفَةِ مَوْضِعِ إحْرَامِهِ أَوْجَبَهُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يَكُونَ إيجَابُهُ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ إلَّا عِنْدَ إحْرَامِهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ كَرِهَ لِلشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ أَنْ يُقَلِّدَ هَدْيَهُ بِ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُؤَخِّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>