للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَرِّكُ رَاحِلَتَهُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ) .

ــ

[المنتقى]

دَفَعَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ فَإِنَّهُ أَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسِ وَلَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ أُسَامَةُ شَاهَدَ ذَلِكَ فَأَخْبَرَ عَنْ الْأَمْرَيْنِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أُسَامَةَ الْإِخْبَارُ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ خَاصَّةً وَأَخْبَرَ فِي غَيْرِهِ عَنْ الْأَمْرَيْنِ وَسُؤَالُ السَّائِلِ وَحِفْظُ أُسَامَةَ لَهَا دَلِيلٌ عَلَى اهْتِبَالِ النَّاسِ بِأَمْرِ الْحَجِّ وَحِفْظِ سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ حَتَّى بَلَغُوا إلَى حِفْظِ صِفَةِ مَشْيِهِ وَإِسْرَاعِهِ حَيْثُ أَسْرَعَ وَأَيْضًا عَنْهُ حَيْثُ أَوْضَعَ وَمَنَازِلَهُ وَمَنَاقِلَ أَحْوَالِهِ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ «كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ» يُرِيدُ ضَرْبًا مِنْ السَّيْرِ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ رِفْقًا بِالنَّاسِ وَتَحَرُّزًا مِنْ أَذَاهُمْ وَلِيَقْتَدُوا بِهِ فِي رِفْقِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَيَحْتَرِزُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَذَى بَعْضٍ وَهَذَا مَا كَانَ فِي جَمَاعَةِ النَّاسِ وَزِحَامِهِمْ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً وَهِيَ الْفُرْجَةُ مِنْ الْأَرْضِ يُرِيدُ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ نَصَّ يُرِيدُ أَنَّهُ أَسْرَعَ فِي السَّيْرِ لِأَنَّ النَّصَّ أَرْفَعُ مِنْ السَّيْرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ سُنَّةَ الْمَشْيِ فِي الدَّفْعِ الْإِسْرَاعُ وَإِنَّمَا يَمْسِكُ عَنْ بَعْضِهِ لِمَانِعٍ مِنْ زِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ» رَوَى ذَلِكَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةَ جَمَعَ النَّاسَ حِينَ دَفَعُوا: عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَهُوَ كَافٍ نَاقَتَهُ» وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَخْرُجُوا مِنْ حَدِّ الْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ بِالزَّجْرِ وَالْإِيضَاعِ فَأَمَّا الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ الَّذِي لَا يُخْرِجُ عَنْ حَدِّ الْوَقَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَشْرُوعٌ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَفِي هَذَا بَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِي تَبْيِينِ وَقْتِ الْوُقُوفِ.

وَالثَّانِي:

فِي بَيَانِ وَقْتِ الدَّفْعِ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ وَقْتِ الْوُقُوفِ] ١

فَأَمَّا بَيَانُ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَإِنَّ الْبَائِتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ يُصَلِّي الصُّبْحَ فِي أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: هُمَا صَلَاتَانِ يُحَوِّلَانِ عَنْ وَقْتَيْهِمَا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ بَعْدَمَا يَأْتِي النَّاسُ الْمُزْدَلِفَةَ وَالْفَجْرُ حِينَ يَبْزُغُ الْفَجْرُ قَالَ: رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ» وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُعَجِّلُ صَلَاةَ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ بِهَا فِي الْقَوَاعِدِ الَّتِي يَحُولُ الْبِنَاءُ بَيْنَ الْفَجْرِ وَبَيْنَ الْمُرْتَقِبِ لَهُ حَتَّى يَرْتَفِعَ وَالثَّانِي لِمَا يُرَادُ مِنْ تَعْجِيلِ الْوُقُوفِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَآخِرُ وَقْتِ الْوُقُوفِ إذَا أَسْفَرَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْت عُمَرَ صَلَّى بِجَمْعٍ ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: إنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرَفَ ثَبِيرُ وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالَفَهُمْ ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ وَقْتِ الدَّفْعِ] ١

وَأَمَّا وَقْتُ الدَّفْعِ فَهُوَ عِنْدَ الْإِسْفَارِ الْمَذْكُورِ مُتَّصِلًا بِالْوُقُوفِ وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِنْ أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ دَفَعَ قَبْلَهُ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَأَخَّرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْوُقُوفَ بِجَمْعٍ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنِّي لَأُرَاهُ يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَدَفَعَ ابْنُ عُمَرَ وَدَفَعَ النَّاسُ مَعَهُ.

(فَصْلٌ)

وَلَا يَدْفَعُ أَحَدٌ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَهُ مَالِكٌ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوُقُوفَ بَعْدَ النَّحْرِ مَسْنُونٌ فَلَا يَدْفَعُ قَبْلَ وَقْتِهِ وَالْإِمَامُ مُقْتَدَى بِهِ فَلَا يَدْفَعُ قَبْلَهُ وَهَذَا مَعَ سَلَامَةِ الْحَالِ فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ تَدْعُو إلَى تَرْكِ الْوُقُوفِ دَفَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ.

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يُحَرِّكُ رَاحِلَتَهُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ هُوَ بَطْنُ وَادٍ قُرْبَ الْمُزْدَلِفَةِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَرِّكُ نَاقَتَهُ فِيهِ قَدْرَ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ وَهُوَ قَدْرُ بَطْنِ الْوَادِي.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرْكُضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>