للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَوْضِعِ الْحِلَاقِ وَالتَّقْصِيرِ.

مَوْضِعُ الْحِلَاقِ فِي الْحَجِّ مِنًى وَفِي الْعُمْرَةِ مَكَّةُ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْحِلَاقُ وَالتَّقْصِيرُ بِهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمَشْرُوعُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَذْكُرُ الْحِلَاقَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الطَّوَافِ لِلْإِفَاضَةِ: لَا يَطُوفُ وَلْيَرْجِعْ إلَى مِنًى فَيَحْلِقُ ثُمَّ يُفِيضُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَحَلَقَ بِمَكَّةَ أَجْزَأَ عَنْهُ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ حَلَقَ فِي الْحِلِّ أَيَّامَ مِنًى لَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا إذَا حَلَقَ فِي أَيَّامِ مِنًى.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي وَقْتِ الْحِلَاقِ وَالتَّقْصِيرِ]

أَمَّا الْحِلَاقُ وَالتَّقْصِيرُ فَلَهُ وَقْتَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُوَقَّتَ بِالزَّمَانِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُوَقَّتَ بِفِعْلِ مَا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ.

فَأَمَّا تَوْقِيتُهُ بِالزَّمَانِ فَبَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَأَمَّا آخِرُهُ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ إنْ ذَكَرَ فِي أَيَّامِ مِنًى فَحَلَقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَهَا حَلَقَ وَأَهْدَى.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا تَبَاعَدَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ أَهْدَى وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ وَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ فَلْيَرْجِعْ حَتَّى يَحْلِقَ ثُمَّ يُفِيضَ وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ)

وَأَمَّا تَوْقِيتُهُ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَفْعَالِ فَإِنَّهُ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ حَالَ الرَّمْيِ فَإِذَا رَمَى نَحَرَ هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَهُ ثُمَّ يَحْلِقُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ لَهُ أَنْ يَطُوفَ لِلْإِفَاضَةِ وَمَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ جَهِلَ مَحْلِقَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَعَلَيْهِ فِدْيَةُ الْأَذَى.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ تَحَلُّلٌ وَالْحَلْقُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَحْظُورٌ لِحَقِّ إحْرَامٍ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ تَحَلُّلٌ فَلَزِمَهُ لِذَلِكَ فِدْيَةُ الْأَذَى وَهَذَا فِيمَنْ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَسَوَاءٌ كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ أَوْ أَخَّرَهُ كَالْمُرَافِقِ الْوَارِدِ أَوْ الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَأَمَّا الْقَارِنُ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ حُكْمَهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُفْرِدِ وَذَهَبَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْجَهْمِ إلَى أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَحْلِقُ بَعْدَ الرَّمْيِ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ أَفَاضَ قَبْلَ الْحِلَاقِ فَفِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: يَرْجِعُ فَيَحْلِفُ ثُمَّ يُفِيضُ فَإِنْ لَمْ يُفِضْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يَنْحَرُهُ ثُمَّ يَحْلِقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ الْأَحْكَامِ] ١

أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُحْرِمُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَإِنْ كَانَ حَاجًّا فَإِذَا حَلَقَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْ إلْقَاءِ التَّفَثِ وَجَازَ لَهُ أَنْ يَدْهُنُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ وَيَلْبَسُ الْمِخْيَطَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُ بِالرَّمْيِ قَبْلَ الْحِلَاقِ وَأَنَّهُ إذَا حَلَقَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَالصَّيْدَ حَتَّى يُفِيضَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَفِي الطِّيبِ اخْتِلَافٌ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَمَنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ فَقَدْ لَزِمَهُ الْهَدْيُ كَانَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ رَمَى وَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ فَلَزِمَهُ الْهَدْيُ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ التَّحَلُّلِ وَهُوَ الْحِلَاقُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ التَّقْصِيرِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَمَنْ مَسَّ الطِّيبَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ فِي الْحَجِّ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ تَحَلُّلٌ وَهَذِهِ حَالَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي إبَاحَتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَأَمَّا الْمُعْتَمِرُ فَإِذَا كَمَّلَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ فَلَا يَلْبَسُ ثِيَابًا وَلَا يَمَسُّ طِيبًا حَتَّى يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ.

وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَمَّلَ عُمْرَتَهُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ غَيْرُ التَّحَلُّلِ.

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْهُ قَالَ مَرَّةً: عَلَيْهِ عُمْرَةٌ أُخْرَى.

وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْهَدْيُ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَحَلُّلٌ فِي هَذَا النُّسُكِ فَإِذَا وَطِئَ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَفْسُدَ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا وَطِئَ فِي الْحَجِّ قَبْلَ الرَّمْيِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ وَقْتٌ لَوْ مَسَّ فِيهِ الطِّيبَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ فَإِذَا وَطِئَ لَمْ تَفْسُدْ عُمْرَتُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ لِمَا وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَتَحَلَّلَ وَبَعْدَ تَمَامِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>