للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَسْمُ لِلْخَيْلِ فِي الْغَزْوِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ: لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ ذَلِكَ) .

(ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ حَضَرَ بِأَفْرَاسٍ كَثِيرَةٍ فَهَلْ يُقْسَمُ لَهَا كُلِّهَا؟ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ بِذَلِكَ وَلَكِنْ لَا أَرَى أَنْ يُقْسَمَ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ

ــ

[المنتقى]

فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَفِيمَا بَعْدَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ يَرَى الْإِمَامُ وَجْهَ الصَّوَابِ فِي أَنْ يَأْمُرَ بِهِ فِي أَوَّلِ الْمَغْنَمِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنْ يُنَفِّلَ السَّرِيَّةَ فَيُعْطِيَهَا ثُلُثَ مَا يَغْنَمُهُ أَوْ رُبْعَهُ تَخْتَصُّ بِهِ دُونَ الْجَيْشِ لِمَا يَرَى مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ لِلسَّرِيَّةِ وَالْجَيْشِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ يَرَى الصَّوَابَ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ فِي آخِرِ الْمَغْنَمِ عَلَى حَسْبِ مَا فَعَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْمَغْنَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْقَسْمُ لِلْخَيْلِ فِي الْغَزْوِ]

(ش) : يُرِيدُ لِلْفَرَسِ سَهْمٌ يَخُصُّهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْفَرَسِ خَاصَّةً سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ الَّذِي يَرْكَبُهُ سَهْمٌ كَالرَّاجِلِ الْمُفْرَدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لِلْفَرَسِ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلِفَارِسِهِ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَلِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ» وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّ الْفَرَسَ لَمَّا كَانَتْ مُؤْنَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مُؤْنَةِ فَارِسِهِ وَغَنَاؤُهُ أَكْثَرَ مِنْ غَنَاءِ الْفَارِسِ زِيدَ فِي الْقَسْمِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الرَّهِيصِ يُدَرَّبُ بِهِ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا الْمَرِيضُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي سَهْمِهِ فَقَالَ مَالِكٌ يُسْهَمُ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ: لَا يُسْهَمُ لَهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَلَى حَالَةٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَيُتَرَقَّبُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَاَلَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ الْخَفِيفُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ الْآنَ فَأَشْبَهَ الْكَسِيرَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْكَسِيرُ يُدَرَّبُ كَذَلِكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَلَوْ أَصَابَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِدْرَابِ لَا سَهْمَ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى حَالَةٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَلَا يُتَرَقَّبُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ إذَا أَصَابَهُ بَعْدَ أَنْ أُدْرِبَ لَيْسَ بِمُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْهَمُ لَهُ إذَا أَصَابَهُ بَعْدَ حُضُورِ الْقِتَالِ بِهِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ الْقَوْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ يَنْحُو إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ حَضَرَ بِأَفْرَاسٍ كَثِيرَةٍ فَكَانَ مِمَّنْ يُسْهَمُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ مِنْهَا إلَّا مَعَ فَرَسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُسْهَمُ لِسَائِرِهَا وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ وَلَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْهَمُ لِفَرَسٍ يَرْكَبُهُ فَارِسٌ وَأَمَّا فَرَسٌ لَا يَرْكَبُهُ أَحَدٌ وَلَا يُقَاتَلُ عَلَيْهِ فَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَهَذَا الْفَارِسُ إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ عِدَّةُ أَفْرَاسٍ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا يَكُونُ فَارِسَ فَرَسَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُسْهَمَ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا كَانَ الْفَرَسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَسَهْمَاهُ لِلَّذِي حَضَرَ بِهِ الْقِتَالَ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ رَكِبَهُ فِي أَكْثَرِ طَرِيقِهِ وَعَلَيْهِ لِلْآخَرِ أُجْرَتُهُ وَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ الْقِتَالَ جَمِيعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِقْدَارِ مَا حَضَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْإِجَارَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَاعَى فِي اسْتِحْقَاقِ السَّهْمِ حُضُورُ الْقِتَالِ فَكَانَ أَحَقُّهُمَا بِسَهْمَيْ الْفَرَسِ مَنْ حَضَرَ عَلَيْهِ الْقِتَالَ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ كَاَلَّذِي يَعْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ فَإِنَّ لَهُ مَا أَصَابَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ كِرَاءِ الدَّابَّةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>