للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ الصَّلْتِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ الْبَلَلِ أَجِدُهُ فَقَالَ انْضَحْ مَا تَحْتَ ثَوْبِك وَالْهُ عَنْهُ) .

الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ دَخَلْت عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ، فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْت هَذَا فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» ) .

ــ

[المنتقى]

مِنْ الْمِيَاهِ يَخْرُجُ لِلَذَّةٍ فَإِنَّ خُرُوجَهُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ أَنْ يَخْرُجَ لِتِلْكَ اللَّذَّةِ فَإِنْ عَرَا مِنْهَا فَهُوَ خَارِجٌ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الصِّحَّةِ فَلَا تَجِبُ بِهِ تِلْكَ الطَّهَارَةُ وَهَذَا إجْرَاءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِسَلَسِ الْمَذْيِ وَالْبَوْلِ وُضُوءٌ فَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْقَطِعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَهَذَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إلَّا أَنْ يُؤْذَى وَيَشْتَدَّ الْبَرْدُ.

وَقِسْمٌ لَا يَنْقَطِعُ فَهَذَا لَا مَعْنَى لِلْوُضُوءِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَأْمَنُ أَنْ يَطْرَأَ مِثْلُهُ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ.

رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فَإِنْ قَرَنَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَنْ بِهِ سَلَسٌ أَوْ اسْتِحَاضَةٌ يَقْطَعُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهَا وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهُ تُعِيدُ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ.

(فَرْعٌ) وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ إذَا تَعَمَّدَ الْبَوْلَ كَاَلَّذِي بِهِ سَلَسُ الْمَذْيِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ حَتَّى يَقْصِدَ اللَّذَّةَ بِأَنْ يُلَاعِبَ فَيَخْرُجَ مِنْهُ الْمَذْيُ لِلَذَّةٍ وَرَوَى مَعْنَى هَذَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْمُعْتَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ الصَّلْتِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ الْبَلَلِ أَجِدُهُ فَقَالَ انْضَحْ مَا تَحْتَ ثَوْبِك وَالْهُ عَنْهُ) .

(ش) : قَوْلُهُ سَأَلْت سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ الْبَلَلِ أَجِدُهُ أَدْخَلَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ الْمَذْيِ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِيهِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ بَلَلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ تَوْقِيفٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتَوَى عِنْدَهُ بَلَلُ الْمَذْيِ وَبَلَلُ الْبَوْلِ الْخَارِجَانِ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ وَكَانَ السُّؤَالُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ أَحَدِهِمَا فِي الْغَالِبِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْخَبَرُ يَقْتَضِي الْجَوَابَ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا أَدْخَلَهُ فِي الْبَابِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ انْضَحْ مَا تَحْتَ ثَوْبِك وَالْهُ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ رَفْعُ مَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ الْوَسْوَاسِ مِنْ احْتِبَاسِ الْبَوْلِ وَتَوَقُّعِ نَجَاسَةٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْضَحَ مَا تَحْتَ ثَوْبِهِ وَهُوَ الْفَرْجُ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ ثُمَّ يَلْهُوَ عَنْ ذَلِكَ الْبَلَلِ وَيَعْتَقِدَ أَنَّهُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي نَضَحَهُ.

[الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ]

(ش) : قَوْلُهُ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ إخْبَارٌ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تَذَاكُرِ الْعِلْمِ وَالِاجْتِمَاعِ إلَيْهِ وَقَوْلُ عُرْوَةَ مَا عَلِمْت ذَلِكَ مُرَاجَعَةٌ لِمَرْوَانِ بْنِ الْحَكَمِ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَإِظْهَارُ مُخَالَفَتِهِ وَلِذَلِكَ احْتَجَّ عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِالْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَالْمَسُّ يَنْطَلِقُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ عَلَى مَسِّهِ بِأَيِّ جُزْءٍ كَانَ مِنْ جَسَدِهِ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ مَسَّهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَجَرَى ذَلِكَ فِي الْأَكْثَرِ عَلَى الْمَسِّ بِالْيَدِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى الْمَسِّ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَكُونُ بِهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْهُ وَاجِبٌ وَرَوَى عَنْهُ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَوْجِيهِ الْقَوْلَيْنِ فَذَهَبَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّانِيَةُ نَفْيُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ حَالَيْنِ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ إذَا قَارَنَهُ مَعْنًى وَيَنْفِيهِ إذَا عَرَا مِنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>