للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنْ الْأَيْمَانِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» ) .

(ص) : (قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ مَنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا إنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا التَّوْكِيدُ فَهُوَ حَلِفُ الْإِنْسَانِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِرَارًا يُرَدِّدُ فِيهِ الْأَيْمَانَ يَمِينًا بَعْدَ يَمِينٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَنْقُصُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا يَحْلِفُ بِذَلِكَ مِرَارًا ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَكَفَّارَةُ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ) .

ــ

[المنتقى]

عَنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ نُطْقًا وَنِيَّةً وَعُرْفًا فَلَمْ يَجِبْ بِهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَصْلُهُ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيْهِ الْقِيَامُ أَوْ الْقُعُودُ أَوْ النَّوْمُ.

وَأَمَّا مَا رَوَى ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ» فَإِنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْمُخَالِفِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ كَمَا قَالَ مِنْ الْكُفْرِ فَإِنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَقُولُ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ كَمَا قَالَ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ لِلْمُخَالِفِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَمَنْ عَهِدَ عُهُودًا أَوْ وَعَدَ عِدَةً يَلْزَمُهُ أَنْ يَفِيَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ يَمِينٌ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ الْحَلِفُ عَلَى الْمَاضِي لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكَذِبِ وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ فَلَا يُوصَفُ بِالْكَذِبِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فِي الْمَاضِي فِعْلًا أَوْ لَمْ يَقُلْ قَوْلًا وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ وَقَالَ مَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ.

[مَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنْ الْأَيْمَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا ثُمَّ رَأَى أَنَّ فِعْلَهُ أَفْضَلُ فِي الدِّينِ أَوْ أَنْفَعُ فِي الدِّينِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَيَفْعَلَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ فِعْلَ ذَلِكَ وَمَالَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَحِلُّ الْيَمِينَ كَمَا يَحِلُّهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَيَصِيرُ مَنْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ وَقَدَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَفَّارَةَ عَلَى الْحِنْثِ بِفِعْلِ مَا حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا بِتَقْدِيمِ الْحِنْثِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَلْيَفْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي هَذَا وَالتَّأْخِيرَ لَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْحِنْثِ وَلَا تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي رُتْبَةً وَلَا خِلَافَ أَنَّ تَأْخِيرَ الْكَفَّارَةِ جَائِزٌ وَقَدْ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْحِنْثِ فَإِنْ قَدَّمَهَا قَبْلَ الْحِنْثِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ أَمْ لَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا أَنَّهُ تَجُوزُ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ فَيَصِحُّ عِنْدِي أَنْ يُكَفِّرَ بِكُلِّ مَا يُكَفِّرُ بِهِ مِنْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ بِالْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَقْتٍ صَحَّ أَنْ يُكَفِّرَ فِيهِ بِالْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُكَفِّرَ فِيهِ بِالصَّوْمِ أَصْلُ ذَلِكَ مَا بَعْدَ الْحِنْثِ.

(ش) : قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَغَيْرِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي تَأْكِيدِ الْيَمِينِ مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِرَارًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ ثُمَّ وَاَللَّهِ ثُمَّ وَاَللَّهِ لَا فَعَلْت كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةً كَالنَّذْرِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّأْكِيدِ حَتَّى يَنْوِيَ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةً كَمَنْ قَالَ عَلَيَّ ثَلَاثُ نُذُورٍ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا فَعَلْت كَذَا ثُمَّ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ إنْ فَعَلَ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّ حُكْمَ الْتِزَامِ النَّذْرِ غَيْرُ حُكْمِ الْحَلِفِ فَوَجَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>