للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعُ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ النِّكَاحِ (ص) : (مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الشَّغَارِ وَالشَّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ» ) .

ــ

[المنتقى]

اسْتِمْتَاعٍ وَلَا بِنَاءٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَإِنَّمَا يُرَاعَى الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَطْءُ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٢] يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سَلَفَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ فَهُمْ غَيْرُ مُؤَاخَذِينَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا نِكَاحًا حَلَالًا يُرِيدُ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَاحِ وُجُودُ الْوَلِيِّ وَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَصِحَّةُ الْمَهْرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَأَوْصَافِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا مِنْ جِهَةِ الْعِدَّةِ قَالَ فَأَصَابَهَا حُرِّمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَطْءَ وُجِدَ مِنْهُ فِي شُبْهَةِ النِّكَاحِ فَأَوْجَبَ ذَلِكَ تَحْرِيمَ الْمَوْطُوءَةِ عَلَى ابْنِ الْوَاطِئِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ نَكَحَهَا عَلَى وَجْهِ الْحَلَالِ لَا يُقَامُ فِيهِ الْحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ بِأَبِيهِ يُرِيدُ أَنَّ أَحْكَامَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ثَابِتَةٌ فِي هَذَا النِّكَاحِ إذَا أُصِيبَ بِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِمُصَادَفَةِ زَمَنِ الْعِدَّةِ وَتَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ بِالْإِصَابَةِ فِيهِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ أَوْ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ فَأَمَّا إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّ حُكْمَهُ عِنْدِي يَحْتَمِلُ مِنْ الْخِلَافِ مَا ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا فِي تَحْرِيمِ التَّأْبِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَكَمَا حُرِّمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حِينَ تَزَوَّجَهَا أَبُوهُ فِي عِدَّتِهَا وَأَصَابَهَا فَكَذَلِكَ تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ ابْنَتُهَا إذَا هُوَ أَصَابَ أُمَّهَا يُرِيدُ أَنَّ ثُبُوتَ بَعْضِ التَّحْرِيمِ فِي هَذَا النِّكَاحِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ سَائِرِهِ.

[جَامِعُ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ النِّكَاحِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ الشِّغَارُ هُوَ النِّكَاحُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَفَسَادُهُ فَيَجِبُ إنْ وَقَعَ أَنْ يُفْسَخَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الشِّغَارِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي مَعْنَى الشَّغَارِ لِأَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ هُوَ قَوْلُهُ نَهَى عَنْ الشَّغَارِ وَبَاقِي الْحَدِيثِ يَجْعَلُونَهُ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ لَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي فَسْخِهِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَبِقَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ قَالَ عَطَاءُ وَالشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الشَّغَارُ جَائِزٌ وَفِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الشِّغَارِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مَلَّك بُضْعَ ابْنَتِهِ شَخْصَيْنِ النَّاكِحَ وَابْنَتَهُ وَذَلِكَ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا إنَّهُ يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا يُفْسَخُ بَعْدَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا نُبَيِّنُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجَنْبَتَيْنِ ذِكْرُ مَهْرٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا ذِكْرُ مَهْرٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أُزَوِّجُك ابْنَتِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك بِمِائَةٍ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ الرَّجُلَ ابْنَتَهُ وَيَنْكِحُهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَيَضَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الصَّدَاقِ لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَوْ وَضَعَا الصَّدَاقَ كُلَّهُ كَانَ شَغَارًا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ بُضْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبِنْتَيْنِ مِلْكًا لِلزَّوْجِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>