للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمدرسَة العزيزية

كَانَت شَرْقي التربة الصلاحية وَغَرْبِيٌّ التربة ألاشرفية وشمالي الْفَاضِلِيَّةِ بالكلاسة لصيق الْجَامِع الْأمَوِي وَقد أَصبَحت الْآن مَجْهُولَة الْأَثر لَا يعرف محلهَا وَلَا يدرى مقرها وَأول من أسسها الْملك الْأَفْضَل ثمَّ أتمهَا الْملك الْعَزِيز عُثْمَان بن صَلَاح الدّين وَنقل وَالِده إِلَى قبَّة فِي جوارها قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي رسَالَته الَّتِي سَمَّاهَا عتبى الزَّمَان كَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين لما توفّي بالقلعة فِي منزله جعل وَلَده الْأَفْضَل يتروى فِي مَوضِع يَنْقُلهُ إِلَيْهِ وَاسْتَشَارَ فِي ذَلِك فأشير عَلَيْهِ فِي سنة تسعين بِأَن يَبْنِي تربته عِنْد مَسْجِد الْقدَم وَيَبْنِي عِنْدهَا مدرسة للشَّافِعِيَّة وَقَالُوا إِذا وصل الْملك الْعَزِيز اسْتغنى بزيارتها عَن الدُّخُول إِلَى دمشق لأَجلهَا وَقَالُوا إِن السُّلْطَان لما مرض سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بحران كَانَ قد أوصى أَن يدْفن بِدِمَشْق قبلي ميدان الْحَصَى وَيكون قَبره على النهج السَّائِل وَطَرِيق القوافل ليدعو لَهُ الْوَارِد والصادر والبادي والحاضر وَتجوز عَلَيْهِ فِي الْغَزَوَات العساكر قَالُوا وان تناءت الأَرْض عَن مَكَان الْوَصِيَّة فَهِيَ مِنْهُ قريبَة فَأمر الْأَفْضَل بِبِنَاء التربة عِنْد مَسْجِد الْقدَم قَالَ فاتفق وُصُول الْعَزِيز تِلْكَ السّنة للحصار وهم قد شرعوا فِي عمارتها فخرب مَا كَانَ قد ارْتَفع من الْبناء ثمَّ استقرأ الْأَفْضَل حُدُود الْجَامِع ليجعل التربة فِيهَا فوفق لدار كَانَت لبَعض الصَّالِحين فاشتراها مِنْهُ وَأمر بعمارتها قبَّة فعمرت وَنقل إِلَيْهَا السُّلْطَان يَوْم عَاشُورَاء من سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَيُقَال انه دفن مَعَه سَيْفه الَّذِي كَانَ مَعَه فِي الْجِهَاد وَكَانَ ذَلِك بِرَأْي القَاضِي الْفَاضِل وَقَالَ فِي العبر وَكَانَ للأمير أُسَامَة دَار بِجنب تربة صَلَاح الدّين فَأمر الْملك الْعَزِيز القَاضِي مُحي الدّين ابْن الزكي أَن يبنيها لَهُ مدرسة فَفعل وَفِي الروضتين إِن الْعَزِيز أوقف عَلَيْهَا قَرْيَة عَظِيمَة يُقَال لَهَا محجة وَأُسَامَة هَذَا هُوَ ابْن مرشد بن عَليّ بن منقذ أحد الْأُمَرَاء وَالشعرَاء الْمَشْهُورين كَانَت دَاره معقلا للفضلاء ومنزلا للْعُلَمَاء وَهُوَ ذُو فضل كثير وَعلم غزير كَانَ من أَبنَاء مُلُوك شيزر وَأقَام بِمصْر أَيَّام الفاطميين ثمَّ دخل دمشق فاحتفل بِهِ صَلَاح الدّين وفضله على سَائِر الدَّوَاوِين وَكَانَ فِي أَيَّام شبابه شهما شجاعا فاتكا توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَسنة سِتّ وَتسْعُونَ

<<  <   >  >>