للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتقدموا على من سبقهمْ فِي علم التشريح بل اكتفوا بِمَا نقلوه من الْكتب اليونانية لانهم كَانُوا يأبون تشريح الْمَوْتَى

وَمن الْقرن الثَّانِي عشر الى الْقرن الْخَامِس عشر بنيت عدَّة من الْمدَارِس الْكُلية فِي اوربا واضيف لكل وَاحِدَة مِنْهَا مدرسة طبية وَكَانَ اول من شرح الجثة البشرية فِيهَا تشريحا مشتهرا الْمعلم مونديني مدرس التشريح فِي مدرسة بولونيا وَذَلِكَ نَحْو سنة خمس عشرَة وثلاثمائة وَألف مسيحية وَمن ذَلِك الْوَقْت اخذ علم التشريح فِي التَّقَدُّم لكنه كَانَ خَاصّا بالمدارس الى بداية الْقرن الثَّامِن عشر فَظهر ظهورا عَاما الى ان وصل لدرجة لَا يكَاد يكون عَلَيْهَا مزِيد وَكَثُرت فِيهِ المؤلفات الى ان صَار الان اوضح واثبت الْعُلُوم الطبية هَذَا مَا قيل عَن التشريح

واما الطِّبّ فَإِنَّهُ تَأَخّر فِي الْقُرُون الأولى الى ان صَارَت لَهُ شعشعة فِي مدرسة الاسكندرية ثمَّ تضاءل وَصغر الى ايام الْخُلَفَاء العباسيين فَأقبل الْمُلُوك على احياء آثاره وترجمت كتبه ايام الْمَأْمُون فبرع الْمُسلمُونَ وَغَيرهم فِيهِ براعة زَائِدَة كَمَا يعلم من طَبَقَات الاطباء الى ان بنيت مدرسة بولونيا فَصَارَ ظله يَتَقَلَّص من الشرق وَيظْهر نوره فِي الغرب الى ان انتقضت قَوَاعِده الاولى وَظهر فِي طور جَدِيد

وَفِي نصف الْقرن الثَّالِث عشر لِلْهِجْرَةِ بَدَأَ الشرق يسْتَردّ مَا سلب مِنْهُ شَيْئا فَشَيْئًا الى أَن رد اليه بعض شبابه فِي زمننا هَذَا واكثرت الدولة العثمانية من بِنَاء مدارسه وبنيت بِدِمَشْق مدرسة الطِّبّ على الطّراز الْجَدِيد فِي نَحْو الالف وثلاثمائة وَعشْرين وَقد قضى الله انه لَا يسلب من اُحْدُ شَيْء الا وَيرد اليه بعد حِين

خَاتِمَة فِي ذكر مَا انشئ فِي دمشق من الْمعَاهد العلمية وَذكر مَا هُوَ مَوْجُود مِنْهَا الْآن مِمَّا تقدم ذكره

يعلم الْمطَالع لهَذَا الْكتاب ان الزَّمَان اخنى على مُعظم مَا مر ذكره من الْمدَارِس والمعاهد العلمية وَلم نذْكر مَا اباده الا للتذكار ولتنبيه الْقَوْم على مَا أسسه اسلافهم من الْمجد ثمَّ قَامَ من بعدهمْ خلف أضاعوا الْعلم ودياره وطمسوا معالمه وآثاره حَتَّى اصبح الْعلم عِنْدهم جُبَّة وعمامة كَبِيرَة واحتفاظا برسوم ابتدعوها وتداولوها وَحفظ خرافات يأخذونها عَن الْعَوام وعجائز الْبيُوت وفخفخة وانسابا مَا انْزِلْ الله بهَا من سُلْطَان واختراع

<<  <   >  >>