من أحذق أهل الْأَدَب وأعلمهم بالنحو والتصريف، وَعلمه بالتصريف أقوى وأكمل من علمه بالنحو؛ وَسَببه أَنه كَانَ يقْرَأ النَّحْو بِجَامِع الْموصل؛ فَمر بِهِ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي، فَسَأَلَهُ عَن مَسْأَلَة فِي التصريف، فقصر فِيهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَليّ: زببت قبل أَن تحصرم، فَلَزِمَهُ من يَوْمئِذٍ مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة، واعتنى بالتصريف؛ وَلما مَاتَ أَبُو عَليّ تصدر ابْن جني مَكَانَهُ بِبَغْدَاد، وَأخذ عَنهُ الثمانيني وَعبد السَّلَام الْبَصْرِيّ وَأَبُو الْحسن السمسمي.
قَالَ فِي دمية الْقصر: وَلَيْسَ لأحد من أَئِمَّة الْأَدَب فِي فتح المقفلات، وَشرح المشكلات مَا لَهُ؛ سِيمَا فِي علم الْإِعْرَاب، [فقد وَقع مِنْهَا على ثَمَرَة الْغُرَاب] . وَكَانَ يحضر عِنْد المتنبي ويناظره فِي شَيْء من النَّحْو من غير أَن يقْرَأ عَلَيْهِ شَيْئا من شعره، أَنَفَة وإكبارا لنَفسِهِ؛ وَكَانَ المتنبي يَقُول فِيهِ: هَذَا رجل لَا يعرف قدره كثير من النَّاس.
صنّف: الخصائص فِي النَّحْو، سر الصِّنَاعَة، شرح تصريف الْمَازِني، شرح مستغلق الحماسة، شرح الْمَقْصُور والممدود، شرحان على ديوَان المتنبي، اللمع فِي النَّحْو، ذَا الْقد ّ، جمعه من كَلَام شَيْخه الْفَارِسِي، الْمُذكر والمؤنث، محَاسِن الْعَرَبيَّة، الْمُحْتَسب فِي إِعْرَاب الشواذ، شرح الفصيح، وَغير ذَلِك.
مولده قبل الثَّلَاثِينَ وثلاثمائة، وَمَات لليلتين بَقِيَتَا من صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وثلاثمائة. تكَرر فِي جمع الْجَوَامِع.