قلت هَذَا كَلَام حسن مُتَّفق على صِحَة مَعْنَاهُ بَين ائمة الْهدى وَكَانُوا يَقُولُونَ مثل هَذَا الْكَلَام ردا على من يَقُول من الْجَهْمِية إِن الْحق بِذَاتِهِ فِي كل مَكَان وَيُمكن أَن يَقُول فَوق الْعَرْش وَقد وَقع فِي ذَلِك طَائِفَة من المتصوفة حَتَّى جَعَلُوهُ عين الموجودات وَنَفس المصنوعات كَمَا يَقُوله أهل الِاتِّحَاد الْعَام
قَالَ الْقشيرِي وَسُئِلَ ذُو النُّون الْمصْرِيّ عَن قَوْله الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى [سُورَة طه ٥] فَقَالَ اثْبتْ ذَاته وَنفى مَكَانَهُ فَهُوَ مَوْجُود [بِذَاتِهِ والأشياء مَوْجُودَة] بِحكمِهِ كَمَا شَاءَ
قلت هَذَا الْكَلَام لم يذكر لَهُ إِسْنَادًا عَن ذِي النُّون وَفِي هَذِه الْكتب من الحكايات المسندة شئ كثير لَا أصل لَهُ فَكيف بِهَذِهِ المنقطعة المسيئة الَّتِي تَتَضَمَّن أَن ينْقل عَن الْمَشَايِخ كَلَام لَا يَقُوله عَاقل فَإِن هَذَا الْكَلَام لَيْسَ فِيهِ مُنَاسبَة لِلْآيَةِ بل هُوَ مُنَاقض لَهَا فَإِن هَذِه الْآيَة لم تَتَضَمَّن إِثْبَات ذَاته وَنفى مَكَانَهُ بِوَجْه من الْوُجُوه فَكيف تفسر بذلك
وَأما قَوْله هُوَ مَوْجُود بِذَاتِهِ والأشياء مَوْجُودَة بِحكمِهِ فَهُوَ حق لَكِن لَيْسَ هَذَا معنى الْآيَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute