من لَوَازِم طريقتهم إِلَى الله أَو جَعَلُوهُ شعار الصَّالِحين وأولياء الله وَيكون ذَلِك خطأ وضلالا وابتداع دين لم يَأْذَن بِهِ الله
مِثَال ذَلِك حلق الرَّأْس فِي غير الْحَج وَالْعمْرَة لغير عذر فَإِن الله قد ذكر فِي كِتَابه حلق الرَّأْس وتقصيره فِي النّسك وَذكر حلقه لعذر فِي قَوْله {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك}[سُورَة الْبَقَرَة ١٩٦]
وَأما حلقه لغير ذَلِك فقد تنَازع الْعلمَاء فِي إِبَاحَته وكراهته نزاعا مَعْرُوفا على قَوْلَيْنِ هما رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد وَلَا نزاع بَين عُلَمَاء الْمُسلمين وأئمة الدّين أَن ذَلِك لَا يشرع وَلَا يسْتَحبّ وَلَا هُوَ من سَبِيل الله وَطَرِيقه وَلَا من الزّهْد الْمَشْرُوع للْمُسلمين وَلَا مِمَّا أثنى الله بِهِ على أحد من الْفُقَرَاء
وَمَعَ هَذَا فقد اتَّخذهُ طوائف من النساك الْفُقَرَاء والصوفية دينا حَتَّى جَعَلُوهُ شعارا وعلامة على أهل الدّين والنسك وَالْخَيْر وَالتَّوْبَة والسلوك إِلَى الله المشير إِلَى الْفقر والصوفية حَتَّى أَن من لم يفعل ذَلِك يكون منقوصا عِنْدهم خَارِجا عَن الطَّرِيقَة المفضلة المحمودة عِنْدهم وَمن فعل ذَلِك دخل فِي هديهم وطريقهم
وَهَذَا ضلال عَن طَرِيق الله وسبيله بآتفاق الْمُسلمين واتخاذ ذَلِك دينا وشعارا لاهل الدّين من أَسبَاب تَبْدِيل الدّين بل جعله عَلامَة على المروق من الدّين أقرب فَإِن الَّذِي يكرههُ وَإِن فعله صَاحبه عَادَة لَا عبَادَة