وَلَا ريب أَن كثيرا من النساك والعباد والزهاد قد يكون فِيهِ شُعْبَة من الْخَوَارِج وَإِن كَانَ مُخَالفا لَهُم فِي شعب أُخْرَى فلزوم زِيّ معِين من اللبَاس سَوَاء كَانَ مُبَاحا أَو كَانَ مِمَّا يُقَال إِنَّه مَكْرُوه بِحَيْثُ يَجْعَل ذَلِك دينا ومستحبا وشعارا لأهل الدّين هُوَ من الْبدع أَيْضا فَكَمَا أَنه لَا حرَام إِلَّا مَا حرمه الله فَلَا دين إِلَّا مَا شَرعه الله
الْوَجْه الثَّانِي ان قَوْلهم إِن هَذَا السماع يحصل مَحْبُوب الله وَمَا حصل محبوبه فَهُوَ مَحْبُوب لَهُ قَول بَاطِل وَكثير من هَؤُلَاءِ أَو أَكْثَرهم حصل لَهُم الضلال والغواية من هَذِه الْجِهَة فظنوا أَن السماع يثير محبَّة الله ومحبة الله هِيَ أصل الْإِيمَان الَّذِي هُوَ عمل الْقلب وبكمالها يكمل وَهِي فِيمَا يذكرهُ أَبُو طَالب وَغَيره نِهَايَة المقامات وَرُبمَا قَالَ بَعضهم هِيَ الْمقَام الَّتِي يرتقي مُقَدّمَة الْعَامَّة وَسَاقه الْخَاصَّة وَيَقُول من يَقُول مِنْهُم إِن السماع هُوَ من تَوَابِع الْمحبَّة وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا فَعَلُوهُ لما يحركه من محبَّة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِذْ السماع يُحَرك من كل قلب مَا فِيهِ فَمن كَانَ فِي قلبه حب الله