وَلَا تقع فتْنَة إِلَّا من ترك مَا أَمر الله بِهِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَمر بِالْحَقِّ وَأمر بِالصبرِ فالفتنة إِمَّا من ترك الْحق وَإِمَّا من ترك الصَّبْر
فالمظلوم المحق الَّذِي لَا يقصر فِي علمه يُؤمر بِالصبرِ فَإِذا لم يصبر فقد ترك الْمَأْمُور
وَإِن كَانَ مقصرا فِي معرفَة الْحق فَصَارَت ثَلَاثَة ذنُوب أَنه لم يجْتَهد فِي معرفَة الْحق وَأَنه لم يصبهُ وَأَنه لم يصبر
وَقد يكون مصيبا فِيمَا عرفه من الْحق فِيمَا يتَعَلَّق بِنَفسِهِ وَلم يكن مصيبا فِي معرفَة حكم الله فِي غَيره وَذَلِكَ بِأَن يكون قد علم الْحق فِي أصل يخْتَلف فِيهِ بِسَمَاع وَخبر أَو بِقِيَاس وَنظر أَو بِمَعْرِِفَة وبصر ويظن مَعَ ذَلِك أَن ذَلِك الْغَيْر التارك للإقرار بذلك الْحق عَاص أَو فَاسق أَو كَافِر وَلَا يكون الْأَمر كَذَلِك لِأَن ذَلِك الْغَيْر يكون مُجْتَهدا قد استفرغ وَسعه وَلَا يقدر على معرفَة الأول لعدم الْمُقْتَضى وَوُجُود الْمَانِع
وَأُمُور الْقُلُوب لَهَا أَسبَاب كَثِيرَة وَلَا يعرف كل اُحْدُ حَال غَيره من ايذاء لَهُ بقول أَو فعل قد يحْسب المؤذى إِذا كَانَ مَظْلُوما لَا ريب