إِلَيّ إِلَيّ فيتنعمون بذلك من الْفَرح ثمَّ يَقع الْحجاب فَيَعُود ذَلِك الْفَرح بكاء فَمنهمْ من يخرق ثِيَابه وَمِنْهُم من يَصِيح وَمِنْهُم من يبكي كل إِنْسَان على قدره
قلت هَذَا وصف لما يعتريهم من الْحَال لَيْسَ فِي ذَلِك مدح وَلَا ذمّ إِذْ مثل هَذِه الْحَال يكون للْمُشْرِكين وَأهل الْكتاب إِذْ قد يشْهدُونَ بقلوبهم مَعَ انهم يفرحون بهَا فتتبع ذَلِك الْمحبَّة فَإِن الْفَرح يتبع الْمحبَّة فَمن أحب شَيْئا فَرح بِوُجُودِهِ وتألم لفقده والمحبوب قد يكون حَقًا وَقد يكون بَاطِلا
قَالَ تَعَالَى {وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله}[سُورَة الْبَقَرَة ١٦٥] وَقَالَ تَعَالَى {وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل بكفرهم}[سُورَة الْبَقَرَة ٩٣]
فقد يكون الْمَرْء محبا لله صَادِقا فِي ذَلِك لَكِن يكون مَا يشهده من الْمعَانِي السارة خيالات لَا حَقِيقَة لَهَا فيفرح بهَا وَيكون فرحه لغير الْحق وَذَلِكَ مَذْمُوم
قَالَ تَعَالَى {ثمَّ قيل لَهُم أَيْن مَا كُنْتُم تشركون من دون الله قَالُوا ضلوا عَنَّا بل لم نَكُنْ ندعوا من قبل شَيْئا كَذَلِك يضل الله الْكَافرين ذَلِكُم بِمَا كُنْتُم تفرحون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وَبِمَا كُنْتُم تمرحون}